قانون دولي

هل يجوز الحديث عن إبادة جماعية في غزة؟

نادراً ما تستخدم الصحافة الفرنسية والغربية مصطلح الإبادة الجماعية في إطار حديثها عمّا يجري في غزة. وإذا ما فعلت، فهي تضعه بين قوسي تحفّظ لتشير إلى ما في استخدامه من مغالاة. لكن الرجوع إلى القانون الدولي لا يترك مجالا للشك بصلاحية هذا التعبير وارتباطه الوثيق بالمجازر الجارية في غرة. وقد قدّمت جنوب إفريقيا في 29 ديسمبر/كانون الأول 2023 دعوى ضد إسرائيل أمام محكمة العدل الدولية في لاهاي بتهمة السعي للإبادة الجماعية بحق الشعب الفلسطيني في قطاع غزة.

منذ أن شنّت إسرائيل حربها الأكثر وحشية على فلسطينيّي غزة (على إثر هجوم حماس ضد الجنود والمدنيين الإسرائيليين في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023)1، تحوّل القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني في وسائل الإعلام وتصريحات المتحدّثين باسم معظم الحكومات الغربية إلى مجرّد وجهات نظر وآراء تبثّها الشاشات ويخوض فيها أشخاص غير اختصاصيين. وقد نتج عن ذلك استخدام مصطلحات ومفاهيم ذات معان محدّدة كـ“جريمة حرب” أو “جريمة ضد الإنسانية” أو “تطهير عرقي” أو “إبادة جماعية” على نحو عشوائي، تارة لوصف حالات معيّنة وغالباً لنفي أو رفض تطابقها مع الواقع في غزة. وهذا ما يدعونا للتذكير بتعريفات هذه الجرائم ثم للتحقّق من إمكانية تطابقها مع وقائع الحرب الإسرائيلية في القطاع.

تحرّك المنظمات الدولية

يقدّم القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني تعريفاً مفصلاً بجرائم الحرب. ويقسّمانها إلى ثلاث فئات تغطي كافة الانتهاكات لاتفاقيات جنيف الموقع عليها العام 1949، والقابلة للحدوث خلال العمليات الحربية، إن كان في إطار الصراعات الدولية أو الصراعات المحلية والأهلية.

بالاعتماد على ذلك، تُعدّ الأفعال التالية جرائم حرب: أيّ قتل متعمّد وأيّ استهداف للمدنيين بصفتهم هذه، أو أيّ اعتداء على ممتلكاتهم ومؤسساتهم الصحية والتعليمية والدينية، أو أيّ فعل يعرّضهم للجوع ويمنع المساعدات الإنسانية عنهم، وأيّ هجوم واسع النطاق على المدن والبلدات دون مبرّر عسكري، أو أيّ سوء معاملة للأسرى والمحتجزين أو غير المقاتلين أو حتى المقاتلين إذا ما ألقوا السلاح، أو أي نقل أو إبعاد ممنهج وقسري للسكان، أو أيّ اعتداء غير مبرّر على مراكز أممية أو على ممثّلين أمميّين أو على منظّمات حفظ السلام والمنظمات الإنسانية، كما وأيّ استخدام للأسلحة المحظورة دولياً.

وعليه، وبناءً على نص المادة 8 من نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية2 فقد أشار العديد من منظمات الدفاع عن حقوق الإنسان والمنظمات الإنسانية الدولية، كمنظمة العفو الدولية وهيومن رايتس ووتش والفدرالية الدولية لحقوق الإنسان وأطباء بلا حدود وأطباء العالم ووكالة الامم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأوسط ومنظمة الصحة العالمية، إلى ارتكاب إسرائيل جرائم حرب في غزة مطالبين بالتحقيق بالأمر. وشملت الجرائم التي ارتُكبت استهداف عاملين في منظمات تابعة للأمم المتحدة وأدّت إلى مقتل العشرات منهم.

ومن جانبها، أعربت اللجنة الدولية للصليب الأحمر عن بالغ قلقها إزاء الأفعال والإجراءات العسكرية الإسرائيلية المحظورة بموجب اتفاقيات جنيف والبروتوكولين الإضافيّين، ويُعدّ تصريحها نادراً إذ أنها لا تُصدر عادة مواقف علنية من هذا النوع. وما قد يفسّر أمر تصريحها هذه المرة هو حجم الانتهاكات الإسرائيلية3.

الجرائم ضد الإنسانية، بما فيها جريمة الفصل العنصري

يمكن للجرائم ضد الإنسانية أن تُرتكب أثناء الأعمال الحربية أو خارجها، أي بمنأى عن ساحات القتال. وبالاستناد إلى المادة السابعة من نظام روما الأساسي، فهي تُعرّف على النحو التالي:

أ) القتل العمد،
ب) الإعدام الجماعي،
ج) الاسترقاق،
د) تهجير السكان أو النقل القسري للسكان،
هـ) السجن أو الحرمان الجسيم من الحرية البدنية بما يتنافى مع الأحكام الأساسية للقانون الدولي،
و) التعذيب،
ز) الاغتصاب أو الاستعباد الجنسي أو الإكراه على البغاء أو الحمل القسري أو أي شكل من أشكال العنف الجنسي المماثلة،
ح) اضطهاد أية جماعة محددة أو مجموعة محددة من السكان لأسباب سياسية أو عرقية أو قومية أو إثنية أو ثقافية أو دينية أو متعلقة بنوع الجنس، أو لأسباب أخرى من المسلّم عالمياً بأن القانون الدولي لا يجيزها،
ط) الاختفاء القسري للأشخاص،
ي) جريمة الفصل العنصري،
ك) الأفعال اللاإنسانية الأخرى ذات الطابع المماثل، التي تتسبب عمداً في معاناة شديدة أو في أذى خطير يلحق بالجسم أو بالصحة العقلية أو البدنية للمدنيين.

وبالاستناد إلى هذا التعريف، بوسعنا الإشارة إلى وجود أدلّة صريحة تؤيد القول بأن إسرائيل قد ارتكبت وترتكب جرائم ضد الإنسانية في الحرب الحالية على غزة، لا سيما فيما يتعلق بالاعتداء الواسع النطاق أو الممنهج الذي يستهدف السكان المدنيين، عن سابق معرفة وتعمّد، وبالأفعال اللاإنسانية “التي تسبّب عمداً معاناة شديدة أو أذى خطيراً يلحق بالجسم أو بالصحة العقلية أو البدنية للمدنيين” وبالتهجير القسري للسكان. ويسري الأمر نفسه على الضفة الغربية والقدس الشرقية لجهة ارتكاب إسرائيل فيهما جريمةَ الفصل العنصري (الأبارتايد).

الإبادة السياسية والحضرية والسكنية

بين جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية من جهة وجرائم الإبادة الجماعية من جهة ثانية، أدخلت العلوم السياسية مصطلحات جديدة أُلحقت إلى جزئها الثاني عبارة “cide” ذات الأصل اللاتيني والتي تعني القتل، وقد نُقلت إلى العربية بتعبير “إبادة” – كالإبادة السياسية لترجمة politicide. يشير هذا المصطلح إلى منهج إجرامي تنفذّه الدولة - أو أي كيان يمتلك السلطة – ضد خصومها لإبادتهم سياسياً أو لإزالة مجالاتهم العامة والخاصة من الوجود.

على هذا الأساس تمّ في السبعينيات تبنّي مفهوم الإبادة السياسية (أو حرفياً القتل السياسي) في إشارة إلى “إبادة” مجموعات من الأشخاص تجمعهم هوية سياسية مشتركة (دون أن تكون لهذه الهوية صبغة أثنية أو عرقية بالضرورة). ثم ما لبث هذا المفهوم أن تطوّر لاحقاً ليصف الأفعال التي تهدف إلى إزالة الشروط المادية التي يرتكز إليها وجود كيانٍ سياسيّ ما. وقد استُخدم المصطلح، على سبيل المثال، لوصف السياسة الإسرائيلية تجاه الفلسطينيين عشية انتفاضتهم الثانية في العام 2000 وخلالها، عندما بدا أن إسرائيل كانت تهدف إلى إزالة شروط ومستلزمات قيام الكيانية الفلسطينية. وهذا بطبيعة الحال ما تقوم به إسرائيل تكراراً اليوم.

قبل سنوات عدة، انتشر استخدام تعبير الإبادة الحضرية (urbicide) لوصف حالات استُهدفت فيها المجالات الحضرية لتدميرها أو لجعلها غير قابلة للسكن والعيش على مدى سنين طويلة. وقد اقتُرح استخدام هذا المصطلح لوصف الهجمات الروسية على مدينة غروزني العام 2001 خلال الحرب الشيشانية الثانية، ثم لوصف الهجمات الإسرائيلية على أحد أحياء ضاحية بيروت الجنوبية العام 2006 أثناء الحرب مع حزب الله، ثم خلال هجمات نظام بشار الأسد وروسيا على حمص وأحياء حلب الشرقية في سوريا بين الأعوام 2012 و2017، وأخيراً اليوم من جديد لوصف الحرب الإسرائيلية على غزة.

وحديثاً، استخدم بعض الباحثين تعبير “إبادة المساكن” (domicide) لوصف السياسة الإسرائيلية المتعاظمة القسوة ضد الفلسطينيين، والمتجسدة في استهداف أماكن إقامتهم الخاصة أو الحميمة، وذلك بقصد حرمانهم من حياة مستقرة في فضاء محدّد المعالم جغرافياً وعاطفياً، برموزه العامة والخاصة، وتحويل التهجير والعيش المؤقت إلى جزء لا يتجزأ من نمط حياتهم.

يقودنا كل ما سبق للاقتراب تدريجياً من التطرّق للسؤال الأكثر إثارة للجدل في الأوساط السياسية، الذي يتفادى طرحه قسم من القانونيين والأكاديميين – خشية تعرضهم للضغط أو الابتزاز. والسؤال هو: هل يمكن لتعريف الإبادة الجماعية بكل معانيه ومحمولاته، تاريخاً وذاكرةً، أن ينطبق على الأوضاع الراهنة في قطاع غزة؟

إثبات الجريمة عن عمد

تمّ تعريف جريمة الإبادة الجماعية في الاتفاقية الاولى لمكافحة الإبادة الجماعية التي تبنّتها الجمعية العامة للأمم المتحدة في العام 1948 لتدخل حيز التنفيذ في العام 1951، ثم في عدد من النصوص الأممية وفي نظام روما الأساسي تحت المادة السادسة. وينصّ التعريف على ما يلي:

تعني الإبادة الجماعية أياً من الأفعال التالية، المرتكبة بقصد التدمير الكلّي، أو الجزئي لجماعة قومية، أو إثنية، أو عنصرية، أو دينية، بصفتها هذه:

أ) قتل أعضاء من الجماعة.
ب) إلحاق أذى جسدي أو روحي خطير بأعضاء من الجماعة.
ج) إخضاع الجماعة، عمداً، لظروف معيشية يراد بها تدميرها المادي كلياً أو جزئياً.
د) فرض تدابير تستهدف الحؤول دون إنجاب الأطفال داخل الجماعة.
هـ) نقل أطفال من الجماعة، عنوة، إلى جماعة أخرى.4

من ناحية أخرى، تؤكد “اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها” التي تمّ التصديق عليها من قبل 153 دولة أن “الإبادة الجماعية قد تُرتكب ضد جزء من جماعة بصفتها هذه (بما في ذلك داخل منطقة جغرافية محددة)”5.

بالاستناد إلى ما تم توثيقه والإبلاغ عنه في قطاع غزة، وبالرجوع إلى اتساع مدى القصف التخريبي الموثّق وإلى الاستهداف المباشر للفلسطينيين (بصفتهم هذه) في منطقة محددة عبر ممارسة القتل والحصار وأشكال التعذيب الجماعي الجسدي والنفسي والعقلي بحقّهم، وتدمير شروط المعيشة عبر قطع المياه الجزئي أو الكلي والكهرباء والوقود ووسائل التواصل وتعطيل دخول المساعدات الإنسانية (الغذائية والطبية) الكلي أو الجزئي، وقصف المشافي وعربات الإسعاف، وموت المرضى والأطفال لعدم التمكن من إسعافهم، فقد أضحى من الممكن تسجيل العديد من العناصر التي تُبيّن أن إسرائيل تضع حيّز التنفيذ عملية إبادة جماعية في القطاع المحاصر.

تشير معطيات وزارة الصحة في غزة، الى أن القصف الإسرائيلي تسبّب بقتل 18205 فلسطينيين (بين 7 أكتوبر/تشرين الأول و11 ديسمبر/كانون الأول 2023) بينهم 7000 طفل و5000 امرأة، إضافة الى فقدان أكثر من 7000 شخص ممن قضوا تحت الانقاض أو انقطعت أخبارهم، فضلاً عن إصابة 49 ألف شخص بجروح مختلفة (من بينها بتر أعضاء). وبحسب تقديرات الحكومة الغزاوية فقد دمّرت القوات الإسرائيلية كلّياً أو جزئياً أكثر من 60% من مساكن قطاع غزة، واستهدفت بالقصف 262 مسجداً وثلاث كنائس. كما قصفت 27 مستشفى و55 مؤسسة صحية، إضافة الى 55 سيارة إسعاف أخرجت معظمها من الخدمة. وفي الوقت نفسه، أعلنت المنظمات الأممية والإنسانية عن سقوط أكثر من 100 قتيل بين عامل وطبيب وموظف في صفوفها نتيجة القصف الإسرائيلي. كما تم تسجيل مقتل 86 صحفياً استُهدف الكثير منهم بالنيران الإسرائيلية المباشرة.

والحال أن الجزم بحصول إبادة جماعية بصفتها هذه يتطلب أيضاً إثبات التعمّد المسبق. وهنا يكمن عادةً جوهر الصعوبة، إذ غالباً ما يتعذّر التحقّق من البراهين التي تؤكّد أن منفذي الأفعال المعنية قد أرادوا إهلاك جماعة (قومية، اثنية، عرقية أو دينية) كلياً أو جزئياً. ذلك أن أحكام القضاء تربط هذا التعمّد بوجود خطة أو سياسة مبيّتة، من قبل الدولة أو الكيان ذي الشأن.

يعتبر عددٌ من القانونيين أن التصريحات الرسمية الإسرائيلية والنداءات التي تحثّ صراحة على الانتقام الجماعي وعلى قتل الفلسطينيين – بصفتهم الفلسطينية – من جهة، وقرارات تشديد الحصار على غزة بوضع قوائم للمواد المحظور إدخالها، كما فعل وزير الدفاع الإسرائيلي يوهان غالان في 9 أكتوبر/تشرين الأول 2023، وهو يدرك استحالة العيش من دونها (كالماء والكهرباء والوقود) من جهة ثانية، إضافة الى تنفيذ هذه القرارات من قبل الجيش الإسرائيلي، من شأنها أن تثبت إرادة الإبادة والمباشرة بتنفيذها. وبوسعنا أن نقع أيضاً على وجود “نزعة إبادية” متكررة في خطابات حكومة بنيامين نتنياهو الرسمية وعلى لسان بعض الوزراء ونواب الأغلبية - وهي خطابات مثبتة بالصوت والصورة ومدوّنة ومنشورة صحفياً - منها على سبيل المثال، الدعوة إلى “حرب ضد قوى الشر والبربرية”، ونزع البعد الإنساني عن الفلسطينيين ونعتهم بالحيوانات، والادعاء بعدم وجود مدنيين في القطاع أو الإعلان بأن لا وجود هناك سوى لـ “إرهابيي حماس” أو “لمتعاطفين مع إرهابيي حماس”، أو الدعوة الى استخدام أسلحة نووية ضد الغزاويين إذا اقتضى الأمر أو إلى ترحيل الناجين من الموت إلى مصر (وإلى دول أخرى)، أو هدم غزة وتحويلها إلى “ملعب كرة قدم شاسع”.

المؤرخ الإسرائيلي الاختصاصي في دراسات الهولوكوست، راز سيجيف، كان أول من أشار الى إننا نواجه حالة دراسية نموذجية للإبادة الجماعية، بعد أن ذكّر بوجود إرادة واضحة لاقتراف جريمة الإبادة من قبل الطرف الإسرائيلي سبقت ورافقت “الإقدام على التنفيذ”6.

بدوره، استقال مدير مكتب المفوضية العليا لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة في نيويورك غريك مخيبر من منصبه احتجاجاً على الصمت الدولي إزاء “حالة سافرة من الإبادة الجماعية في غزة”. وفي السياق ذاته، حذّر تسعة خبراء أمميّين في رسالة لهم من أن العنف العسكري الإسرائيلي ونوايا بعض المسؤولين في تل أبيب تشكّل “تهديداً بالإبادة الجماعية للسكان الفلسطينيين”7. من جانبه، أكّد المدّعي العام في المحكمة الجنائية الدولية السابق، لويس مورينو أوكامبو، أن الجرائم التي ترتكبها إسرائيل قد تشكل حالة إبادة جماعية8.

ونشر عشرات من الجامعيين الفلسطينيين والعرب، وكذلك الأفارقة والآسيويين والأميركيين والأوربيين، في الأسابيع الأخيرة مقالات ونصوصاً تعبّر عن مواقف مشابهة. وطالب عدد منهم المدّعي العام للمحكمة الجنائية الدولية كريم خان بالتحقيق في الجرائم الاسرائيلية. كما قدّمت خمس دول (جنوب أفريقيا، بنغلاديش، بوليفيا، جزر القمر وجيبوتي) طلباً الى خان نفسه تسأل المحكمة “التحقيق في جرائم إبادة جماعية ممكنة تقترفها إسرائيل في غزة والأراضي الفلسطينية”.

ولا بد أن نضيف هنا أن معظم الدول والمسؤولين السياسيين يُحاذرون استخدام مصطلح “الإبادة الجماعية” كي لا يصبح ملزماً عليهم، بموجب اتفاقية منع جريمة الإبادة التي وقّعوا عليها، التحرّك “للحيلولة دون وقوع الإبادة” أو “لإيقافها الفوري”. وهذا ما لا يدخل راهناً ضمن جدول أعمالهم.

ختاماً، بوسعنا الجزم أنه لم يسبق لنزاع أن جمع مثل هذا الكم من الجرائم والانتهاكات والفظائع في رقعة جغرافية ضيقة لا تبلغ مساحتها أكثر من 360 كيلومتراً مربعاً وفي فترة وجيزة كهذه. والأمر يشي بـ“الطابع الإبادي” لهذه الحرب، ويحضّ على التفكير ملياً وبعمق بما تنذر به الحروب المستقبلية من توحّش ومن انتهاكات متمادية للقانون الدولي الإنساني. المفارقة أن هذا الإنذار الخطير يحدث في وقت ظنّنا فيه أن تقدّم الأنظمة التشريعية الدولية وتزايد التحقيقات وتوثيقات الوقائع المرئية مباشرة من الميدان سيحدّان من التوحّش والانتهاكات. فإذا بالعكس يحصل في غزة..

1سبق أن شنّت إسرائيل أربع حروبٍ على قطاع غزة منذ أن فرضت عليه الحصار العام 2007: في العامين 2008-2009، في العام 2012، في العام 2014، وفي العام 2021. أدّت هذه الحروب الى مقتل أكثر من 4500 مدني فلسطيني.

6مقابلة سيجيف في برنامج “الديمقراطية الآن” Democracy Now على هذا الرابط

8اعتبر أوكامبو في مقابلة مع صحيفة “إل باييس” الإسبانية في 23 أكتوبر/تشرين الأول 2023 أن حرب إسرائيل منذ 8 أكتوبر/تشرين الأول وعملية حماس في 7 أكتوبر/تشرين الأول تحملان كلتاهما خصائص إبادية، لافتاً النظر في الوقت نفسه إلى أن إسرائيل حوّلت قطاع غزة منذ بدء حصاره قبل سنوات إلى أرض إبادة محتملة.