Dossier 1914-1918

الجزائريّون في الحربِ العالمِيَّة الأولى

ِّمرحلةٌ في صيرورَةِ الوَعيِ الوطَنِي · طوالَ فترةِ الحرب العالميّة الأولى، لم تقدِّم الجزائر لسلطةِ الاستِعمار الدعمَ الماديَّ الكبيرَ وحسب، لا بل وقدَّمت أيضاً آلافَ الجنود الـ“إينديجان”* الخاضعين للخدمة العسكريّة الإلزاميّة والذين غالباً ما تمَّ وَضعُهم في فِرَق الهجوم. لم تَصل الإشادةُ بشجاعةِ هؤلاء الزواويّين والقنّاصة إلى حدِّ إعطائهم حقَّ المواطنةِ الكاملة. فكان أن فتحَ أحساسُ الجزائريين بالغُبنِ إَذ لم تَفِ فرنسا بوعودِها تجاهَهم في حين أنَّهم وقوفوا بجانبِها حين كانت في خَطَر، الطريقَ أمام مطلبِ تحريرٍ وطنيٍّ أتت الحربُ العالمِيَّةُ الثانيةُ لتؤكِّدَه بعد عشرين سنة من ذلك.

.جنودٌ زواويّون جزائريّون (نسبة إلى كتيبة في الجيشِ الفرنسيّ)، سُجَناءَ لدى الجيش الألماني
Bundesarchiv, Bild 146-2004-0194, 1914.

من كلِّ مستعمرات فرنسا، كانت الجزائرُ، جنباً إلى جنبِ مع أفريقيا الغربية “الفرنسية”، أكثرَ من أمدّها بالمواردِ الماديّة والبشريّة، فهي - في ما كان يعرف آنذاك بـ“إفريقيا الشمالية الفرنسية” - البلدُ الذي طُلب منه بذلُ أكبرَ جهد في هذا المجال. وقد استجابت لهذا الطلب بمقدار ما كانت تتوقعه منها السلطة الاستعمارية، فكانت بلا منازع هي من زوَّد فرنسا بأَوفى جزءٍ من الرساميل والمنتَجات وبرجالٍ للقتال على جبهاتِ الحرب والعملِ في المصانع.

وباستِثناء “إفريقيا الغربيّة الفرنسية”، لا شك في أنّ أَجْزَل قسطٍ من العَون المادِّيِّ الذي تلقَّتهُ فرنسا من مُجملِ امبراطوريَّتها الاستعمارية جاء من الجزائر. فطيلةَ أربعِ سنوات، كانت المُعتمَديةُ العسكرية الفرنسية تُوفد إلى الجزائر لجانَ شراءٍ آل إليها فعلياً احتكارُ شراءِ المنتَجات، فضلاً عن عمليّات المصادرة التي كانت تقوم بها: وقد اقتُنيت على وجهِ الخصوص بشروطٍ تفضيليَّة الحبوبُ والأنبِذةُ والتبغُ والغنمُ أكثرَ مما اقتُنيت المنتَجاتُ المنجميّة ومنتَجات أخرى ثقيلةُ الحمولةِ أعاقت تصديرَها أزمةُ النقل البحريِّ بين الجزائر وفرنسا. ومقارنةً بما كانت ستنفقُه لو كانَت مشترياتُها بالأسعار العادية، بلغَ ما وفّرته فرنسا بين 1915 و 1919 فيما يخصُّ المنتِجات الزراعية وحدَها ما لا يقلُّ عن 770 مليون فرنك. وبمختَصَر العبارة، ساهمَت الجزائر في تغذيةِ فرنسا لقاءَ ثمنٍ بخس.

في بلدٍ شحّت فيه اليدُ العاملة بسببِ التجنيد العسكريّ، وأخذ إنتاجُه في الانخفاض وأضناهُ الجفافُ الربيعيّ وأضرّ به موسمُ حصادٍ كارثي، موسم 1917 الذي حلّ وعملياتُ مصادرة المواد المعاشية في أَوجِها - وفيما كانت لجانُ الشراء العسكريَّة هذه تباشرُ مهامَّها - ، أتَت على الأخضرِ واليابسِ في منطقة الوسط الشرقيَّ أوّلُ مجاعةٌ كبرى، مجاعةُ شتاءِ 1917-1918 التي لم يكن شُهِد لها مثيلٌ منذ عقودٍ عديدة وكانت إيذاناً بأخرى أكثرَ كارثيَّة، ألا وهي مجاعةُ 1920 التي حصدت أرواحَ عشرات الآلاف.

وتفاقمَ تضرُّر زراعةِ الحبوبِ في السنوات التالية، وتدهوَرت تربيَةُ المواشي بشكلٍ متسارِع، ولم تنجُ من هذا التدهورِ سوى المنتَجات التجاريّة - التبغ، وخاصَّة الأنبذة التي رُفعت أسعارها الرسمية بشكل معتبر-. ورغم تكدّس آنيَة صناعة النبيذ على أرصفةِ موانئ روان Rouen وسيت Sètes ، فقد ترك ازدهارَ تجارة التبغ والأنبذة أثراً دامغاً في حياةَ الجزائر الاقتصاديةَ في فترة الحرب، وخاصة في فترة ما بعد الحرب.

وقد جرت محاولاتٌ خجولةٌ لبناء وحداتٍ صناعية في الجزائر، في سياقِ أزمةِ العلاقات البحريَّة التي شحّت بسببِها، وبشكلٍ مُباغِت، المنتجاتُ المصنَّعةُ المستورَدةُ، لكنَّ التحديثاتِ النادرةِ التي أدخلَها بضعةُ رأسماليّين فرنسيّين اندَثَرت بمجرّد انتِهاء ظروفِ الحربِ الاستثنائيَّة التي سمحت بها. ونخصُّ هنا بالذكر الأفرانَ العاليةِ الثلاثة التي فُكِّكت في 1918، قبل أن يتمّ تشغيلُها. واستمرّت البورجوازية االكولونيالية أكثرَ من أيِّ وقتٍ مضى في إيثارِ قطاعَيْ العقارِ والتجارة.

لم تكن البرجوازيةُ الكولونيالية لتتحوّلَ يوما إلى زُمَرٍ نشيطةٍ من أربابِ الصناعة، فرغمَ بعضِ الهزّات الثانويّة التي اعترَت منظومةَ الاقتِصاد الجزائري، والمتعلّقة بصعوباتٍ مؤقَّتةٍ في التبادلاتِ بين الجزائرِ والمركز في فرنسا، لم يُطرح بعدَ الحرب كما لم يُطرح قبلَها أن يأتي خلاصُه من غيرِ تعزيزِ تبعيّته. أما المعطَياتُ العسكريَّة والسياسيَّة الجديدة التي أفرزتها الحرب فكان أثرُها مختلفا.

نداءُ للوحدةِ المقدَّسة

وبسببِ تغلغُلِ الاستِعمارِ فيها بشكلٍ أعمقَ وأقدمَ من تغلغلِه في تونس وخاصَّة في المغرب، كانت الجزائر أكثرَ خضوعاً للتأطيرِ والمراقبة. ولم يفرض الفرنسيّون الخدمةَ العسكريَّة الإلزاميَّة في المغرب، ولا في تونس، مع أن نظامَ التجنيد البايلكي كان شبيهاً في كِلَي البلدين.

لم تنشئ الجمهوريةُ الفرنسيّة الخدمة العسكريّة الإلزامية إلا في الجزائر بموجبِ مرسوم صدرَ في فبراير 1912. وبطبيعة الحال، أبدى جمهورُ الجزائريّين مناهضتهم لها، بينما أبدَت تأييدَها لها ثلَّةٌ صغيرة هي “الشبان الجزائريّون” “المتطوِّرون” في محاولةٍ لانتٍزاعِ حقوقٍ سياسيَّة مقابلَ ضريبة ِالدم - التي كانت حكراً على المواطنين دونَ سواهم1 . وقد قدّم العديدُ من المسؤولين الفرنسيّين الرسميّين قبلَ الحرب وعوداً معسولةً في هذا الاتِّجاه، وكانوا أحيانا صادقين - على سبيل المثال، وزير الحرب أدولف مِسيمي Adolphe Messimy ، وآبيل فيري Abel Ferry .

ولم يُحدِث إعلانُ التعبئة والتجنيدُ وإرسالُ أولى دفعات الجزائريين إلى الجبهةِ الفر نسية ردودَ فعلٍ معادية واضحة. لا بل يمكننا أن نستشِفَّ من ذلك ضرباً من ضروبِ الوَحدة المقدَّسة على الطريقة الجزائرية، يطيِّب له الأسيادُ المستوطنون، ويردُّ عليهم “المتطوّرون” في جوق واحد. وما تفسيرُه إلّا بما استشفه هؤلاء من بصيصِ أملٍ في التحرُّرِ من الاضطِهاد والتمييزِ المسلّطَيْن على الجزائريين.

وقد دعا المسؤولون الفرنسيّون الرسميون، في خطابهم المليء بالمدح والتقريظ، كلّ “المتحضِّرين” إلى قطعِ الطريق على “الهمجيّة” الألمانية واقتَفى أثرَهم “الشبّان الجزائريّون”. مع استِثناءٍ صغير، وهو انتفاضةُ بني شقران (قرب باريقو/المحمّدية، شمال مَعَسكر)، سُفِّرت أفواج المجنَّدين الأولى دونَ صعوبات من وجهةِ نظرِ السلطة الكولونيالية. أمّا عائلاتُ هؤلاءِ الشبان فكانت تشيِّعُهم بالعويلِ وهي تقرأ على أرواحِهم الفاتحة.

ومن بابِ الاحتياط، لم تكن السلطةُ الفرنسيَّة استدعَت منذ 1912 إلا جزءاً بسيطاً من مجنّدي الخدمةِ العسكريَّة. وعلى المستوي النظريِّ البحت، كان نصفُ تعدادِ الجزائريّين الذين شاركوا في الحرب (نحو 175 ألف شخص) من المتطوِّعين. لم تشعر الجزائر إذن بحصولِ عمليّات تعبئة كبيرة إلى أن صدرت مراسيمُ سبتمبر 1916. وقد تجسَّدت هذه المراسيمُ على أرض الواقع بتجنيدِ دفعة 1917 كاملةً. وأحدث هذا التجنيد الواسعُ النطاقِ في الجزائر أثراً عميقاً في النفوس، مع أنَّ نصفَ المجنَّدين فقط أُرسِلوا إلى وحداتِ الجيشِ العاملة - فيما أُعفيَت البقية أو أُرسلت إلى سرايا مُلحَقة.

ولاءٌ نسبيٌّ جدّاً

وكانت تصل من الجبهة أخبارٌ مروِّعة عن مصيرِ الجنود الجزائريين، فيما كان أمدُ الحرب يطول، وكانت تعتمِل في قلوبِ الناس في الجزائر آمالٌ ألفية بقرب ظهور المهدي المنتظر2 ، ليست غيرَ ذات صلة بالدعاية الألمانية أو التركية المبشّرة بدنوّ ساعة انعتاق المسلمين من نير الكفار المتسلطين عليهم. وقد رفعَ البعضُ عقيرتَه بالاعتِراض على التجنيد وتظاهر ضدَّه البعضُ الآخر أو تمرَّد وحمل السلاح. وقد هزَّت انتفاضةٌ كبيرةٌ الجزءَ الشماليَّ الغربي من جبال الأوراس (بلزمة Belezma ، متليليMetlili). أعلن المتآمرون “البوبليك”3 أو الجمهورية باعتبارها رمزا للحرية، (أي الجمهورية أو، بعبارة أخرى: “نحن أيضا نريد أن نكون أحرارا ونريد أن نسود”). وبسبب القمع المنهجيِّ الذي قُوبلت به هذه الانتفاضةٌ، استُبقيَ في الجزائر بين أكتوبر 1916 وربيع 1917 تعدادُ فرقتين عسكريتين كاملتين تحت أُمرةِ الجنرال ديسي دو بونفال Deshayes de Bonneval .

وإذا نظرنا إلى الحربِ في مجملِها، فقد نجحَ النظام الاستعماري، رغم كلِّ شيء، في أن يجنِّدَ في جيشه عددا لا يستهانُ به من الرجالِ وأن يشغّل عشراتِ الآلاف من العمّال في مصانعِ الدفاعِ الوطني، ما جعل الخطابَ الرسميَّ الفرنسي يسمّي الجزائر “الموالية”.

غيرَ أن تعاطفَ الناس في الجزائر، خاصّة في جزئها الشرقي، كان مع جيوشِ أمير المؤمنين، السلطان- الخليفة الذي طلبَ من شيخِ الإسلام في اسطنبول، في نوفمبر 1914، دعوةَ المسلمين إلى الجهاد. وكانت الدعايةُ الفرنسيّة كلَّما أمعنت في التنديد بالأتراكِ واصفةً إيّاهم بـ“ألمانَ الإسلام”، كلما شرعنت أكثرَ القتالَ الذي كانوا يخوضونه، إلا أن تَعدّي حدودِ التعاطفِ بالانضواءِ دون تردُّد تحتَ الراية العثمانية ظلّ خطوةً لم يُقدم عليها أغلبُ الجزائريّين. رفضَ السوادُ الأعظم من الأسرى الجزائريّين الذين كانوا مُعتَقلين في معسكر زوسن-هالبموندلاخر Zossen-Halbmandlagerفي برلين الانضِمامَ إلى الجيشِ العُثماني. وفي الجزائر نفسِها، كما في أوساطِ العمّالِ الجزائريين في فرنسا، لم يُسفِر التعاطفُ مع تركيا، وإنْ كان غالباً، عن عملٍ سياسيٍّ شاملٍ مُحكمِ التدبير. ذلك أنَّ الفرنسيّين كانوا لا يزالون يَحكمون الجزائر ولم يَبرَحوها، فيما أُحبِطت أيما إحباطٍ آمالُ الألفيّين المعقودةِ على إنزالٍ تركي. باختصار، لاذَ جمهورُ الجزائريّين بانتِظارٍ حذر. حالةُ اللاعداء البيِّنة هذه تجاه فرنسا هي ما أُطلِقُ عليه وصفُ “الولاء”.

هذا وتبدّى “الولاء” في أشكال أخرى أيضاً: الولاء المصلحيُّ لبعضِ الأعيانِ وأعوانِ الإدارةِ الآملين ثواباً على حسنِ سلوكِهم وما أبدوه من فعاليَّةِ خلال حملات التجنيد، الولاءُ الصادقُ لبعضِ الشبان “المتطوِّرين”، ممّن تأثَّروا بالخطاب الجمهوريِّ عن المواطَنة وحقوقِ الإنسان وضريبة الدم (كان ذلكَ بشكلٍ خاصٍّ حالُ بعضِ الطلبة-المعلِّمين الشبابِ في المدرسة العليا لبوزريعة)، الولاءُ الظرفيُّ تجاوباً مع دعواتِ فرنسا إلى وَحدةٍ مقدَّسةٍ في معركةِ صُوِّرت، بصورة نَمطيَّة مستعجَلة، على أنَّها معركةُ الحضارةِ ضدَّ الهمجيَّة. اكشتافُ الجزائريَّين أنفسَهم فجأةً في معسكرِ “المتحضِّرين” بعد أن اعتَقدوا طويلاً أنهم برابرةٌ أو أنَّ سادةَ المرحلة الاستعماريّين ينظرون إليهم كذلك، ممّا فسَّر حينذاك كثيرا من التصرفات غير المُعتادةِ الموسومةِ بالاندِهاش تجاه هذ الوضع المستحدَث، إذ كانت تلك أولَ مرَّةٍ تستجدي فيها السلطةُ الاستعماريَّة الجزائريّين بمثلِ هذا الإلحاحِ الشديد.

من النظامِ الاستِعماريِّ إلى النظامِ العسكريّ

وعانى المجنَّدون الشباب المنتزَعون من أرضهم الأمرّين بعد “ازدِراعِهم” في فرنسا، وسبّبت حربُ الحركة في سنة 1914 مجازرَ في صفوفهم. وعاش هؤلاء الشباب - معظمُهم كان بلا تجربة عسكريّة أُلقي به دون تدبّر في جحيم السباقِ نحوَ البحر - عاش تيهاً واضطراباً حالكيْ السواد. وقد قلَّصت صفوفَ من نَجا منهم بجلدِه الوفيّاتُ والالتهاباتُ الرئويَّة والسلُّ وما تعرَّض له بعضُهم من بترٍ في الأطراف، إثر تجمُّدِها من البرد الشديد. وقد وقعت العديدُ من حالات الفزعِ والفرارِ من ساحةِ القتال ورفضِ الإذعانِ لأوامرِ المسير، وحدَثت إعداماتٌ بدونِ محاكمةٍ اختير ضحاياها بالقرعة، وهو ما يثبتُه دون أدنى شكٍّ الأرشيفُ في ثلاث حالات على الأقل هي حالاتُ فرقِ المشاةِ الخامسة والأربعين والسابعة والثلاثين والثامنة والثلاثين، حيثُ كان الضحايا، على التوالي، يهوداً جزائريّين، وجزائريّين وتونسيين. لا نعرفُ إن تكرَّرت هذه الفظائع بعد تحوُّل الحرب إلى حرب مواقع. وعلى أيّة حال، فحجمُ أرشيفِ فرق الجيش الفرنسي أخذ إثر ذلك في التقلص لأنَّ الأوامرّ أصبحت تُصدَرُ أكثرَ فأكثرَ عبر الهاتف، وتراجعَ التقييدُ الكتابيُّ لما كان يُقيد منها كتابةً.

وفي كل الأحوال، لم تعدّ لتقاريرِ القيادةِ بدءاً من ربيع 1915 النبرةُ نفسها عندَ الحديث عن الجزائريين، فبعدَ أن كانوا، في أعقابِ مجازر 1914، يُحشدون في مؤخَّرة القوّات، تم تولِّي زمامِ أمورِهم وحٌسِّن تدريبهم. وفيما كانت تصفُهم التقارير، في 1914، كقطيعٍ مستنزَفٍ مرعوب، ازدادت إشادةً بهم، سواء في آرتوا Artois على ضفافِ نهر الصوم La Somme أو في فيردان Verndun وفي شومان دي دام Chemin des Dames. وقد بلغت المعنوياتُ والروح الهجوميَّة ذروَتهما في 1918 بوجه خاص عندما دخل ساحةَ القتال مجندّو دفعة 1917 الذين كانوا ثاروا في الشمال القسنطيني في 1916 - 1917، بل وكانت كتائب طلائعُ المشاةِ الجزائرية من أكثرِ الوحدات التي شاركَت في الحرب نصيباً من الثناء وأوسمة التكريم ، رغم أن المغالاة في هذا المجال بدورها ليست سوى إحدى متطلبات “السياسة الأهلية”4 وما يطبعُها من إغراءات.

لم يكن هناك ما يسمحُ بالتفريق تفريقاً وجيهاً بين سلوكِ الجنودِ الفرنسيّين القادمين من الجزائر وسلوكِ بقيَّة الجنود الفرنسيَّين -التقييمات بشأنِهم تختلفُ بشكل مُعتبَر من مراقبٍ لآخر- . ولكن، بالمقابل، كان هناك اندماجٌ حقيقيٌّ للجزائريين في الجيش الفرنسي. ولا يُدينُ هذا الاندِماج إلا بالقليلِ للولاءِ لفرنسا كوطنٍ بالتبنّي وهو ولاءٌ كان محضَ أسطورة. ما يفسِّرًه بشكلٍ أساسي هو ما تبيَّن لـ “ضيوفِ الحرب” هؤلاء من أنَّ النظامَ العسكري، في النهاية، أقلُّ من النظامِ الاستِعماريِّ اضطهاداً لهم وتميّيزاً ضدَّهم. لا يعني هذا أنَّ العنصريَّةَ انقرضت - فهي ظلَّت موجودة، خاصة في نظامِ الإجازات لأنَّ القيادة كانت تخشى نشوءَ علاقاتٍ غيرِ خاضعةٍ للرقابة مع المدنيّين الفرنسيّين داخلَ الأسرِ الفرنسيّة. ما جعلَ العنصريّة تنحسرُ بشكلٍ كبير هو إحساسٌ نما بمرورِ الوقت بألاّ فرقَ بين هذه الروح وتلك في أتونِ مذبحةٍ تطحنُ البشر دون أدنى تمييز. الاستقبالُ الإيجابي، والمتحمِّس أحيانا، الذي قابل به المدنيّون الفرنسيون هؤلاءَ الأجانبَ الغرائبيين، القادمين لشدِّ أزرِ فرنسا، والعرفانُ الذي كان يحسُّه المجندون الجزائريون وهم يرون ظروفَ رعايتِهم في وحداتِ الخدمة الطبِّيَّة هي ذاتُها ظروفُ رعايةِ الفرنسيين والإعجابَ الذي كانوا يُكِنّونه للراهبات والممرِّضات وكذا أفرشةِ الأسرَّة البيضاءُ، وبصورة أعم، العنايةَ ذاتِ الصبغةِ الأبويَّة التي كانت تحيطُهم بها القيادة : هذه كلُّها أمورٌ لم تكن غيرَ ذاتِ أثر عليهم، فالأبويّة، بوصفِها أحدَ وجهَي عملة، وجهُها الآخرُ يشملُ القمعَ والعنصرية، لم تعنِ، بالرغم من كلِّ شيء، عدمَ الاكتراثِ للمستعمَرين المجنَّدين.

وكان لروحِ العصبيّة فاعليّتُها بما لعبَته من دورٍ في غرسِ النظام العشائريِّ في قلب النظامِ العسكري، نظامٍ قدَّم للجزائريّين صورة جذابة لعقيدٍ هو في نفس الوقت زعيمُ عشيرةٍ سلطتُه لا تُنازع: ترى، أكان ذلك شكلاً من أشكال التحجُّر الموسومِ (Fossilisation) بالحنينِ إلى عصر ذهبي، عصرِ التضامن الشديد داخل مكونات المجتمع التقليدي (solidarités segmentaires) أم تجسيداً سبق أوانُه للتضامنِ الوطنيِّ السابغ التامّ ؟

ظاهرةُ الجندي- القناص المُنعتِق

لقد كانت الحربُ العالميّة الأولى حدثاً أساسيّاً بالنسبةِ للجزائريّين فهي جعلت 300 ألف رجل شابّ منهم يشمون لأول مرة في حياتهم ريحَ العالمِ الخارجي بما تحمِلُه من حُلوٍ ومن مرّ. لم يكن عددُ العمّال الجزائريّين في فرنسا في 1914 يتجاوز 15000، وبين 1914 و 1918 قَدم إليها للعمل 12000 عامل “مُواكِب”5 (هكذا كان يسمّونهم في الجزائر)، أغلبُهم كانوا يعمَلون بإشرافٍ من الجيش، وكانوا تأطيرهم يذكّر أيما تذكير بجوِّ البلديات المختلَطة6. ولكن خلال َالأشهر الخمس عشرة الأولى من الحرب، تمكَّن آلاف الشباب من مغادرةِ الجزائر بطريقةٍ قانونيّة للعملِ بحريَّة في فرنسا في شركات خاصة، وعقبَ ذلك بقيَ عددٌ غيرُ محدّد من المهاجرين السريّين خارجَ نطاقِ الرقابة العسكرية.

تقاريرُ عديدة تطرَّقت إلى الظروف البائسة للعمّال المشغَّلين إداريا7، وكانوا أحيانا من المراهِقين الذين يصوِّرهم “القايد” على أنَّهم متطوِّعون، ومنها تقريرٌ مريعٌ بقدر خجلِ نبرتِه أعدّه في 1917 بول كازُنوف، عضوُ مجلس الشيوخ عن ناحيةِ الرون، ويذكّر بتحقيقاتٍ كتحقيقات فيلارمي8 آتيةٍ من عصرٍ سحيق، كان في الواقع عصراً راهناً تماماً بالنسبة لهؤلاء الشباب المستعمَرين الذين اقتُلعوا اقتِلاعا من جذورهم.

وتعرَّف هؤلاء الرجال على حياة العمال وعالم المصانع والاحتِجاجات المطلبيّة والإضرابات، واستَطاعوا في بعضِ الأحيان مؤالفة فرنسيّين وفرنسيات، وعلى أيّة حال، اكتسبوا عاداتٍ لم تكن لتتلاءمَ مع الإبقاء على النظامِ الاستعماريِّ كما كان قائماً في زمنٍ ليس بالبعيد. وقد جعلَ معدّي التقارير عن حالةِ “الأنديجان” النفسيّة بعد نهاية الحرب في غاية القلق حين يلاحظون هوَسُ هؤلاءِ بروحِ “العاملِ في فرنسا” و “المحارب المتحرر” المُماحكِ البالغ الاعتِداد بنفسه، الذي يطعنُ في السلطةِ القائمة أكثرَ من ذي قبل. وقد كان جزءٌ مُعتبّر من كوادِر نجمِ شمالِ إفريقيا أعضاءً في الحزبِ الشيوعي و/أو كونفدرالية الشغل العامَّة المتحدة.

**العودة إلى السُّفلِيَّة الاستعمارية

وفي واقع الأمر، فإنَّ فرنسا اضطهدت وحرَّرت في آن معا، فهي مكَّنت الجزائريّين ممَّن انتُزِعوا من أرضِهم لُيزرعوا على أرضِها من اكتِشاف العملِ المصنعي، والتكنولوجيا العسكريّة وصورِ الفعالية الصناعيّة أو العسكريّة، وتركت لهم، في الحين نفسه، إمكانيَّة إعادةِ استِثمار مُكتَسبات هذه المثاقفةِ استثمارا “جانِحا”، وذلك حالُ محمد مكدود، المحاربُ السطايفي في طلائعِ المشاة الذي أُحيل إلى المحاكمة العسكرية في 1917 بعد أن بعثَ إلى والدتِه كتيِّب التدريبِ الخاص بالمدفعِ الرشاش مرفَقا برسالةٍ يطلب فيها منها الاحتفاظَ به بفائقِ العنايةِ لأنه “قد ينفع مستقبلا”.

ومن وجهةِ نظر تناسُبية، كان الثمنُ الذي دفعَه الجزائريّون دمًا مساوِيا تقريبا لذلك الذي دفعَه غيرُهم من الجنود، وإن كانت أعدادُ من قُتلَ منهم خلال الهجومات تفوقً ربما أعدادَ من قضى منهم أثناء أداءِ مهام أخرى، اعتادَت القيادةُ على ألاّ تتركَهم فيها طويلاً ضحايا للملَلَ بسببِ ذيوعِ صيتِهم كوحداتِ اقتحام.

وقد شرَّف كليمونصو Clémenceau أيما تشريف ما أمرَ به - مخالفا بذلك رأيَ نواب فرنسيّين وكفاءات من المستوطِنين الجزائريين - من مساواةِ بين مِنحِ محاربي المستعمَرات والمحاربين الفرنسيين، لكنَّ الجمهوريّة الخامسة بدَت لاحقا وقد اصطبغ جحودُها بالحرصِ الشديد، إذ جمَّدت معاشاتِ الجنود الجزائريّين الذين شاركوا في حرب 1914-1918 عندَ مستواها سنة 1962 بينما كانت معاشاتُ الفرنسيّين تُراجع بانتظام.

وكانت صورة “الأتراك”9(turcos) في فرنسا إلى حدٍّ ما صورة جميلة. وقد رسَّخت مزاياهم الحربية - وهي مزايا كان يقرُّ بها التصوُّر الرسمي ويقرُّ بها الناس - إكليشيه المحارب ِالضروري، الذي يتوجَّب أيضا توجيهُ طاقتِه واحتواءُ اندفاعِه الموسوم خارج ساحات القتالِ بنفسِ سِمة الحماسةِ المتقدة، ذلك أنَّ “الانديحان”، رغم تشييئه محارباً، ظلّ “أنديجانا”. ومن جانبهم، لم يفقد الجزائريون، حتى وإن اندَمجوا في الجيش الفرنسي، لا حسَّهم النقدي ولا جزائريتهم، هذا إنْ لم تقوِّها حسرتُهم على وطنٍ غابَ عن ناظرهم.

لقد أقرّوا بقوة فرنسا وراوَدتهم بسهولة غوايةُ أن يّنقَلوا إلى بلدِهم ما شاهدوه وشعروا به على ضفَّة المتوسِّط الأخرى، فحالَ بدءِ فترة ما بعد الحرب، كسبت المدرسةُ الفرنسيّة بشكل بالغٍ الدلالةِ الجولةَ في الجزائر، إذ اصبحت ترفضُ قبولَ التلاميذ لعجزِها عن استقبالهم بعدَ أن كانت، في زمنٍ ليس بالبعيد، تُضطرُّ أحيانا كثيرةً إلى البحثِ عنهم لتسجيلهم، وقد حدثَ ذلك فيما كان التبشيرِ الثقافويِّ الإسلاميِّ للعلماء10 يلقى ما لقِيَه من نجاح ورَواج.

ظلت صورة الجزائري بعد الحرب، وبشكل مُستدام، صورةَ رجلِ من البرولتاريا الدنيا، بالي الأسمال، مشوَّشِ الفكر، مُتلهفٍ إلى النساء الفرنسيّات، صورةَ فارس خطيرٍ من فرسانِ السلِّ والجدري، وقد رسَّخت حربُ 1914 - 1918 بشكلٍ مستدامِ في أذهان الفرنسيين إكليشيهات تحطُّ من قيمتِه. ولا يعني ذلك أنّه لم تُشهد حالاتً انجذاب حقيقي، بالأخصِّ إلى الحركة العمّالية الفرنسية، أو حالات تشبُّع ثقافي بلغَ مدى أبعدَ ممّا بلغَه في علاقاتٍ شخصيَّة كانت أكثرَ دفئا من الريبةِ الاعتياديّة التي كانت تطبعُ العلاقات بين مختلفِ مجموعاتِ المجتمعِ الكولونيالي11. وكان ما استخلَصه االجزائريّون من كلِّ هذا دروساً مؤجلةَ الفائدة لكنَّها دروسٌ حقيقيّة، فالأميرُ خالد ذاقَ لذة الظفرِ في أوساط ِالعمالِ الجزائريين في فرنسا خلال زيارتِه لباريس في تمّوز/ يوليو 1924، وبعد ذلكَ بسنتين، في باريس، وُلدَ من رحم اتحادِ المستعمرات نجمُ شمال أفريقيا المنبثِق من الحركة الشيوعية.

وعلى أية حال من الأحوال، فقد اضمحلَّ فيضُ وعود زمنُ الحربِ فعاد إلى مجراه. صحيحٌ أن بعضَ الإجراءات محدودةُ الأثر - كالقانون المعروف باسم قانون جونار Jonnart الصادر في فبراير 1919- سحَجت بعض كبرى نتوءاتِ التمييز الاستعماري، خاصَّة منها تلكَ المتعلِّقة بالجباية، وصحيحٌ أيضا أنَّ بعض الإكراميّات وُزِّعت في شكلِ تراخيصَ لافتِتاح مقاهٍ، لكن باريس لم تفكِّر أبدا جديا في الوفاءِ بوعدِها الكبيرِ بمنح حقوق المواطِنِ مقابلَ الخدمة العسكريَّة الإجبارية، فاقتَصرَ هذا الوعدُ على تدابيرَ لا يؤبَهُ بها في مجالِ الارتِقاء إلى مصفِّ المواطَنة لم تغيِّر النتائجَ الباهتة التي أسفرت عنها اجراءاتُ سيناتوس كونسيلت sénatus - consulte 1865. وبعبارة أخرى اقتصر على خلق فئة من أشباه المواطنين، لهم حقُّ التصويت في أدنى مستويات الانتِخابات المحلية، انتِخابات الجماعات12، وهي مجالسُ تفتقِر إلى أدنى أشكال السلطة الفعلية. ولم يرفع القانونُ كثيرا مستوى مشاركة الجزائريّين في غيرِها من الانتِخابات إذ ظلّوا يُعدّون فاقدي التأهيل لانتِخاب ممثلين في البرلمان الفرنسي.

ولم يكن اللوبي الكولونيالي، في الواقع، في حاجة كبيرة إلى بذل مساعٍ لدى السلطة في باريس للمحافظة على ما يشبه الوضع القائم. في شهر آب/ أوت 1920، أقرَّت غرفةُ النوّاب استئنافَ العملِ بقانون الأنديجان، الذي كان عُلِّق تطبيقُه في تموز/ يوليو 1914، ذلك أنَّ الجزائريين، بعد أن سمعوا من الوعود الكثير، كانوا استلذّوا تصوّرَ ما بعد الحرب زمناً أسطوريّاً هو زمنُ انعتاق مستبَق، ووقعوا تحت سحرِ النبرة الاحتِجاجية للأمير خالد، حفيد الأمير عبد القادر والنقيب “الأنديجان” في الجيش الفرنسي سابقا، فدفعوا به إلى مقدِّمة ساحةِ العملِ السياسي في الجزائر.

صحيفةُ “Le Temps”، التي عُرفت قبل الحرب بـ“حبها” للأنديجان، قلبت ظهرَ المجنّ. فتحوَّلت إلى مدافع مستميت عن الوضعِ القائم دون قيد أو شرط، في سياق كان ممّا ميَّزه أيضا المدُّ البلشفي وإضرابات 1919 و 1920، التي لقيَت صدىً في الجزائر وأثارَت فيها على وجهِ الخصوص مخاوفَ من تشكُّل جبهةٍ طبقيّة عابرة لمختلف مكوِّنات المجتَمع الكولونيالي. لقد لفحَت وجهَ السلطة الاستعمارية نارُ الخطر فتصلَّبت وأغلقت سريعاً باب “إصلاحِ أوضاع الأهالي” الذي كانَت قد وارَبته دونما حذر، وتدبَّرت أمرَها للتخلُّص من الأمير خالد في صيف 1923...

مرحلة النضوج

وكانت خيبةُ الجزائريّين كبيرة، فهم لإدراكِهم بأنهم شدّوا أزرَ فرنسا في ساعةِ الخطر، كانوا قد شَعروا بأنَّهم محلُّ تقدير. في فترةٍ ما بين الحربين كانَ الاعتِقادُ بأنَّ فرنسا، لولا العتادُ الأمريكيّ والمحاربون الجزائريون المغاوير، لما كسبت الحرب من بين الاعتقادات الشائعة شديدة الرسوخ، حتى أن شاعراً شعبياً من مليانة خاطبَ دالادييه Daladier خلالَ أزمة ميونيخ بأبياتٍ أكّدَ فيها أنَّه إذا هاجم هتلر فرنسا، فليسَ لهذا الابنِ الروحيِّ لكليمونصو ما يخشاه لأنَّ “بني هاشم”، جنودَه الجزائريين الصناديد، سيهُبُّون لنجدتِه...

وبوصفها بروفةً عامة لسيناريو الحرب العالمية الثانية، دشَّنت الحربُ العالميَّة الأولى سلسلةَ الوعودِ الزائفة والأوهامِ سريعة التبدُّد، كما ساهمَت بشكلٍ كبير في اكتشافِ الجزائر نفسَها والارتقاءِ بها إلى فترةِ النضج، فترة القرارات السياسيَّة المعاصرة، غير أنه يتعسَّر موافقةُ أولئك الذين ما انفكّوا يرون أن تطورَّها في القرن العشرين جرى على إيقاع ما اشتَهر باسم “الفرص الضائعة”. هل من الضروريِّ التذكيرُ هنا بأنَّه في مجالِ التاريخ كما في غيره، لا يمكن أن يُضاَع إلا ما لا يَستحيل نيلُه ؟ وحتى إذا لم يكن في التاريخ أبداً من حتمية وكانت هناك مفارقُ يتردَّد عندها القرارُ، فإن للرفضِ والانسدادات، في طيَّات النظام، منطقّها الخاص بها كرفض وكانسدادات.

*تعبير يستعمل للدلالة على المجموعات أو الأفراد المنتمين للفئات المستعمرة

** بالمعنى الأنتروبولوجي للكلمة

1كان الجزائريون في نظر القانون الفرنسي “رعايا” لا مواطنين (المترجم).

2العبارة المستعمَلة في النصِّ الفرنسيِّ هي espoirs millénaristes. لكننا ارتأيْنا الإشارةَ هنا إلى ارتباطِ هذه الآمال الألفيَّةِ في كثيرٍ من الأحيان، خلالَ القرن الأوَّل من الاستعمارِ الفرنسيِّ للجزائر، بظهورِ المهدي المنتظّر. وهي فكرةٌ موجودةٌ في الثقافةِ الجزائريَّة رغم كونِها بالأساسِ جزءاً من المعتقَدِ الدينيِّ الشيعي. انظر في هذا الموضوع: محمد غالم, «ظاهرة المهدي المنتظر في المقاومة الجزائرية خلال القرن التاسع عشر و مطلع القرن العشرين » Insaniyat ، مجلّة إنسانيّات (أنثروبولوجيا وعلوم اجتماعية)11 (المترجم)

3“البوبليك”، تحريف لـ “ريبوبليك” (République) أي الجمهورية (المترجم).

4سياسة أهلية (politique indigène)، أي سياسة تخص الأهالي أو السكان الأصليين (المترجم).

5المواكبون (convoyeurs) اسم كان يطلق في الأصل على عمال من الأهالي مكلفين بأداء أشغال في إطار الحملات العسكرية وتحت إشراف الجيش الفرنسي (المترجم).

6البلديات المختلطة هي البلديات التي لم يكن أغلب سكانها من المستوطنين وإن كانت لهم فيها الغلبة السياسية والاقتصادية (المترجم).

7أي من يتم تشغيلهم بإشراف وترتيب الإدارة الاستعمارية لا مباشرة من طرف أرباب العمل (المترجم).

8كلف الدكتور فيلارمي (1782-1863) بتحقيق عن ظروف العمل في مصانع النسيج أعدّ على إثره تقريرا في الموضوع بيّن مسؤولية أرباب العمل عن تدهور هذه الظروف (المترجم).

9أي المحاربين الجزائريين وغيرهم من الآتين من بلدان كانت تخضع للحكم العثماني (المترجم).

10أي المحاربين الجزائريين وغيرهم من الآتين من بلدان كانت تخضع للحكم العثماني (المترجم).

11أي الأهالي الأصليين (وأغلبهم رعايا الجمهورية الفرنسية لا مواطنون فيها) والأوروبيون ومعهم الأهالي المتجنّسون مسلمو الديانة وأخيرا اليهود وقد تم تجنيسهم جملة في 1870 (المترجم).

12أي المجالس التقليدية التي كانت تحكم القرى والعشائر، الخ، في المناطق الريفية (المترجم).