حملة تبرّع

هنا وهناك، من أجل كلمة حرّة ومستقلّة وإنسانية

يتواصل التضييق على مساحات التعبير الحرّة في تلك البلدان التي كانت – حتى فترة قريبة – تنتفض ضد سلطات خانقة. ففي الجزائر، ولّى زمن “الحراك” ليأتي زمن التشميع وتكميم الأفواه، كما يشهد على ذلك وضع زملائنا وزميلاتنا من موقعMaghreb Émergent و“راديو أم” (Radio M). وفي تونس، حيث بقيت روح ما سُمّي بـ“الربيع العربي” حاضرة رغم صعوبات جمّة، بات الاعتباطي سائدًا، ولم يعُد من النادر أن يجد الصحفيون والصحفيات أنفسهم/ن رهن الملاحقة والاعتقال وكأنهم/ن مجرمون/ـات، لا لشيء إلا لممارستهم/ن عملهم/ن. أما في مصر، فقد غابت أسماء علاء عبد الفتاح وغيره من السجناء السياسيين عن أعمدة الجرائد، بمجرّد أن أُسدل الستار على قمة المناخ 27 في شرم الشيخ. فليذهب الكلّ في حال سبيله!

على الضفة المقابلة من البحر الأبيض المتوسط، لا تبدو فرنسا بمنأى عن موجة كبح الحريّات هذه. فللمرء أن يتساءل إن كان الخوض في بعض المواضيع “الحسّاسة” لا يزال متاحًا هنا، مثل الفصل العنصري (أبارتايد) الإسرائيلي – من بين الجرائم التي تمارسها تل أبيب على سبيل الذكر لا الحصر. ونظرًا للتضييق الذي يعانيه المحامي الفلسطيني الفرنسي صلاح حمّوري في كل مداخلة يقوم بها على الساحة العامة الفرنسية منذ أن تم ترحيله من القدس، لا تبدو الأمور ذاهبة إلى التحسّن. كذلك، يبقى المسلمون والمسلمات كبش فداء الخطاب السياسي والإعلامي السائد، تارة باسم الكفاح ضدّ “الإسلاميين اليساريين” – وهي عبارة من اختراع اليمين المتطرّف لكنها باتت اليوم رائجة حتى خارج حدود هذا الطيف السياسي -، وطورًا كضرر جانبي للحملة التي تُقاد ضد الـ“ووكيزم” (wokism)، والتي أطلقت العنان للعواطف الأكثر رجعيّة. طبعًا، كون معظم وسائل الإعلام الفرنسية في قبضة عدد محدود من رجال الأعمال الأثرياء لا يترك الكثير من المجال للرأي المخالف.

أمام هذا المشهد، قرّر موقع “أوريان 21” أن يكون فضاءً للكلمة الحرّة، للحديث عن هذه المنطقة التي تمتد من المغرب إلى أفغانستان. فضاء لقرّاء وقارئات فرنسا والعالم العربي، هنا وهناك، وكذلك لكُتّاب وكاتبات المغرب العربي والشرق الأوسط، الذين واللواتي نتيح لهم ولهنّ منصّة آمنة للنشر – حتى أن 20% من قرّائنا وقارئاتنا متواجدون/ـات في المغرب العربي. وبفضل تعدّد اللغات على موقعنا – العربية والفرنسية والإنكليزية والفارسية والإسبانية والإيطالية -، فإننا نتيح الفرصة لأكبر عدد ممكن من القرّاء للوصول إلى مقالاتنا. لكن هذا العمل له تكلفته.

من خلال اختياره أن يكون موقعًا مستقلاًّ ومجانيًّا، يريد “أوريان 21” أن يكون بمثابة مرفق عمومي للإعلام، حيث يتبرّع من باستطاعته ذلك لكي تعمّ المصلحة، ويواصلَ الموقع عمله من أجل أن يتمتّع الجميع بمضمونه. هذا الموقع هو شغل بشَر، من أجل البشَر، ونحن في عصر يتكهّن فيه البعض بأن يحلّ الذكاء الاصطناعي محلّ الصحفيين والصحفيات. طموحنا أن نقدّم تحاليل وإضاءات فريدة من نوعها حول جميع أبعاد منطقة لا يمكن اختزالها في الصراعات والهجرة والإسلاموية أو الإرهاب، والحال أنها تتمتّع بمشهد فنّي وثقافي وفكري ثري وخلاّق.

حتى نواصل المضي في دربنا، نطلق حملة التبرّع هذه بهدف جمع مبلغ 45 ألف يورو. مبلغ سيسمح لنا بدفع أجر صحفيّتي الموقع، ومقابل عمل الصحفيين/ـات المستقلّين/ـات والمترجمين والمترجمات. فبفضلكم/ن، تمكنّا السنة الماضية من نشر عدد أكبر من التحقيقات والتقارير حول المنطقة - ومنها. وسيكون الاحتفال الذي نحن بصدد التحضير له بتاريخ 30 سبتمبر/أيلول بمناسبة العيد الميلاد العاشر للموقع، فرصةً لشكركم/ن على دعمكم/ن ووفائكم/ن. وسنكون سعداء وسعيدات جدًّا بالتعرّف عليكم/ن بهذه المناسبة.

بالنسبة لدافعي ودافعات الضرائب في فرنسا، بإمكانهم/ن الاستفادة من تخفيض ضريبي بنسبة 66% من المبلغ الذي تبرّعوا/ن به، ضمن حدود 20% من المدخول الخاضع للضرائب فيما يتعلق بالأفراد، وفي حدود 60% بالنسبة للشركات.

نعلم جيّدًا كم يمكننا الاعتماد عليكم/ن.

تقديم تبرّع.