تَعَثُّرات عمليّة “عاصفة الحزم” في اليمن

كارثةٌ إنسانيّة، مأزقٌ سياسي، تقدُّم الجهاديّين · أسفرَ الهجوم الذي شنَّته ميليشيات الحوثي عن مصرعِ 60 جنديّ من قوّات التحالف التي انخرطَت في الصراع في اليمن. هذه المذبحة تُجسِّد المستنقع الذي يتخبَّط فيه صراعٌ بدأ منذ ستّة أشهر دون أي يؤدّي إلى انتصار أيٍّ من الطرفين. فتسارعُ الأحداث وتضاربُها يحولُ دون تكوين فكرة واضحة : انتصاراتٌ للقاعِدة على الأرض، وعودٌ باتِّفاق سلام برعاية عُمان، اقحام قوى التحالف في عمليّة عسكريّة برّيّة، هجومٌ كبيرٌ لقبائلَ معاديةٍ للحوثيّين باتِّجاه صنعاء، هجمات الحوثيّين على الأراضي السعودية. ولكنَّ المشهد الضبابي لا يمنع من تقييم عمليّة “عاصفة الحزم” التي تقودها المملكة العربية السعودية.

قصف جوي لصنعاء، 11 أيار/ مايو 2015
ابراهيم قاسم

في 25 مارس 2015، أطلقَت جيوشُ عشرة بلدان عمليّة “عاصفة الحزم”1 ضدّ الحركة الحوثيّة، تساندُها من وراء الكواليس فرنسا وبريطانيا والولايات المتحدة ، وكان من المُمكن آنذاك تبريرُ الهجوم ببضعةِ حججٍ صادقة النيّة وإن كانت بطبيعتها قابلةً للنقاش، حولَ شرعية الحرب. بدا حينها أن الحوثيّين أوصلوا الأمور إلى طريقٍ مسدود، بسبب موقفِهم الهجوميِّ وسياسةِ الأمر الواقع التي انتهَجوها، حين قاموا في يناير 2015 بانقلابٍ عسكري فعليٍّ ضدَّ الرئيس الانتقاليِّ عبد ربه منصور هادي، وتحالَفوا على ما يبدو مع الرئيس السابق علي عبد الله صالح، كما أنّهم غَزَوا تَعِز وعَدن. من وجهةِ نظرِ المملكة العربية السعودية، كانت تلك الشعرة التي قصَمت ظهرَ البعير، وتمَّ تشكيلُ تحالفٍ على عجلٍ بهدفِ إعادة تثبيت سلطة هادي، “الرئيس الشرعي” ، و كسرِ اندفاعَةِ الحوثيّين للحدِّ من قدرةِ إيران على إيذاء اليمن. لكنَّ بنيةَ التحالف لم تحدِّد دورَ كلِّ طرف بل أبقَته مبهماً إلى حد كبير. وبدا من الصعب على البلدان التسعة الأخرى المشارِكة في التحالف رفضَ أيِّ طلبٍ للسعوديّين بسببِ افتقارِها إلى المال، أو لأنّها تعاني من أزمةِ اعترافٍ بوجودِها، أو بسبب حاجتِها للعقود (خاصة فيما يتعلَّق بالدعم الغربي، الفرنسي والبريطاني خاصة).

منذ البداية، بانَ مشروعُ الهجوم السعودي ضدَّ الحوثيين على حدٍّ من الرداءة. كما أنّه لا يراعي المعاييرَ الإنسانيّة المتَّبَعة في هذا النوع من العمليّات. فقد فاجئ الهجومُ حتى موظَّفي الأمَم المتّحدة في صنعاء الذين قضَوا بضعةَ أيام تحت القنابل قبل التمكُّن من مغادرة البلد، كما لم يتمكَّن المدنيّون، الذين لم يُنذرهم أحد، من التزوُّد ببعضِ المَؤونة أو من ترتيبِ فَرارهم إلى المناطق الريفية الأكثر هدوءاً.

بعد مرور ما يقاربُ ستّة أشهر على إطلاق الهجوم، بات مُسلَّماً أن أهدافَه – التي لم تكن لا باطِلة ولا منافِيَة للعقل، وإن كانت قابلة للنقاش – لم تتحقَّق. وإن كنّا نريد الحفاظ على بصيصِ أمل أن يَفلَت اليمنُ من مصيرِ سوريا، فمن الضروري الاعترافُ بفشلِ الاستراتيجيّة السعوديّة المدعومةِ بالقوى الكبرى. لا تعني الإشارةُ إلى هذا الفشلِ دعمَ الحوثيين وحلفائهم، المسؤولين عن انهيارِ العمليّة السياسيّة التي بدأت سنة 2011، بالإضافةِ إلى ارتكابِهم هجماتٍ عديدةٍ ضدّ المدنيين. من الواضح أن الإشاعات تنتشرُ وتتضاربُ منذ أسابيع. فالحربُ الإعلامية محتدِمة ومن الصعبِ على الصحفيّين التواجُد على الأرض. رغمَ ذلك، يجب أن يتوضَّح للجميع أنَّ القصفَ السعوديَّ دفعَ نحوَ الأسوأ صراعاً كان أصلاً معقّداً ما فيه الكفاية. حتى وإن قبلنا بالمنطق السعودي (أو افترضناه مبدئياًّ)، فالهجوم أفضى إلى فشل رباعي.

تحالفٌ لا يتَّسم بالكفاءة

أوّلاً، على الصعيد العملياتي، يشكِّل صمود الحوثيّين وحلفائهم واقعةً ملفِتة للنظر. في بداية آب/ أغسطس، نظرَ البعض إلى استعادةِ أنصار التحالف لعدن على أنّها تشير إلى انقلاب الأمور لصالح هؤلاء. وقد سمحَ اخلاءُ الحوثيّين للمدينة فعلاً باستعادةِ الأنفاس، وبخاصةً مع تحريرِ مطارِها ومرفئها الكبيرِ للبضائع والسماح بوصولِ المساعدات الإنسانية. وتابعَ التحالفُ والميليشيات التقدُّمَ بسرعة، مع استعادةِ قاعدة عناد العسكرية المهمّة والتي تقعُ على مسافةِ أربعين كيلومتراً شمالي عدن. وشاركَت قوّات التحالف، خاصّة الإماراتيّة منها ، في عمليّات نزعِ ألغام وفي معاركَ مباشرةٍ على الأرض. وتمَّ الإعلانُ في 4 سبتمبر 2015 عن مقتلِ 45 جندي إماراتي، و10 جنود سعوديين و5 جنود بحرينيين، بالقربِ من مأرب حيث يتمُّ التحضيرُ للهجوم على صنعاء. كما استطاعَ الإماراتيون والسعوديون تأمينَ المعدّات العسكريّة ،خاصّة المدرَّعات، للميليشيات المعادية للحوثيّين. من ناحية أخرى، أعلَنت قطر عن إرسال 1000 جندي، مما يرفعُ عددُ جنودِ التحالف إلى 10000 نَفَرٍ مفترضٌ تواجدُهم على أراضي اليمن.

لو أخذنا بالإعتبار اختلالَ ميزانِ القوى العسكريّة على الأرض، بالإضافة إلى أنّ الحوثيّين لا يتمتّعون بأي سند محلّي في عدن، بل عليهم أن يُواجهوا عداوة العدنيين المنهجية، سنجدُ أن الوقتَ الذي تطلَّبَه “تحرير” ثاني أهمِّ مدينة في البلد يدلُّ على قلَّة كفاءة ونقصٍ في التنسيق بين الأطراف المعادية للحوثيين. كما أنّ استعادةَ تعز تأخّرت وإن تمَّ الإعلانُ عنها مرات عديدة، علماً أن تَعِز هي المدينة الثالثة في البلد، ويناصب سكانُها الحوثيين العداء نفسَه. من شأنِ ذلك أن يؤدّي، كما في عدن، إلى تدمير للنسيج المديني والإيقاع بعديد من القتلى. وقد أفسح استِنفاذ لائحة الأهداف العسكريّة الجويّة المجال أمام “تجاوزات” أوقعت عدة مئات من الضحايا المدنيين منذ مارس2.

على الرغم من تواجدِ قوّات برِّيّة سعوديّة وإماراتيّة وقطريّة وبحرينيّة (والتي ينحدرُ أغلب ممثِّليها من محافَظات في جنوب اليمن) وبدون شك مغربية، فكلُّ شيء يحملُ على الإعتقاد بأن الهجوم على صنعاء سيعتمِدُ بشكل رئيسيٍّ على قبائلَ من منطقةِ مأرب شرقي العاصمة. أما عن الطرق الأخرى (من الشمالِ والجنوبِ والغربِ) المؤدّية إلى صنعاء الواقعةِ على ارتفاع 2300 متر، فهي لا تسمح بتقدُّم سريع كونَها شديدة الوعورة. ويخشى أن تغدو المعاركُ شديدةَ العنفِ حين يطلقُ الهجوم المرتَقَب على صنعاء. ففرضيّة استِنقاع الأمور وارِدة، خاصّة وأن جزءاً وازِناً من سكّان صنعاء إلى الحوثيّين، على خلافِ عدن وتعز. بهذا الصدد، لا يبدو أنّ القصف الذي يقومُ به التحالفُ منذ مارس 2015 قد أضعفَ من قدرةِ هؤلاء على التعبئةِ في أوساطِ السكان الشماليين ذوي الأصول الزيديّة.

بلدٌ يسيرُ نحوَ التفتُّت

الفشلُ الثاني هو بالأحرى سياسي. فإن كان هدفُ التحالف المعلَن إعادةَ تثبيتِ شرعيّةِ الحكومة التي يقودُها هادي، لقد أصبحَ هذا الأخير اليوم إلى حدٍّ كبير خارج اللعبة، وأكثر عجزاً من أن يستعدَ زمامَ الأمور. وهو يوصَف دون حرجٍ كشخصيّة لا سلطة ولا هيبة كبيرة لها (وقد يكون ذلك ما دفعَ صالح لتعيينه نائب رئيس سنة 1994). حتى أنّ المعارضين الأكثر ضراوة تجاه الحوثيّين يعتبرون أنّه تعاملَ بضعفٍ مع التمرُّد الزيدي وتركَه يستنزف سلطتَه على مدى شهور. ثم أنّه لا يتمتع بأيِّ دعمٍ ظاهرٍ لدى السكّان الجنوبيين الذين يتَحدَّر منهم. وعلى الرغم من تحريرِ عدن ، فهوَ لا يزالُ منفياًّ في الرياض. كما أنَّ تسميةَ خالد بحاح نائباً للرئيس في نيسان/ أبريل الماضي، والذي أضحى الآن رئيس الوزراء، قد تدلُّ على أنّ السعوديّين يبحثون عن بديل لهادي. إلا السيرورة لم تكتمِل، وما زال الجميع خارجَ اليمن يتظاهرون أنهم مقتنعون أن هادي سيتمكَّن من استعادةِ منصبه واستكمال طريق الإنتقال السياسي من حيث توقّف.

الفشل الثالث يتعلّق بالحفاظ على وحدة اليمن. لا شكّ أن الهجوم الحوثي على عدن، مدينةِ الجنوب الكبرى، عجّل في انخراط الحركةِ الانفصاليّة الجنوبيّة في الحرب. لم يكن الحوثيّون والجنوبيّون في حالةِ تنافسٍ واضحةٍ قبل مارس 2015، يستند فيها كلٍ فريق إلى مَنطِق هويّاتي، زيدي للحوثيّين ، وإقليمي تاريخي للجنوبيين. لقد صدّقت عاصف الحزم المركّزة على عدن ، بطريقة ما، على عمليّة تفتُّت اليمن، سامِحةً للحركة الإنفصاليّة بالحصول على دعمٍ عسكري و ببسطِ سيطرتها المباشرة على الأرض. على هذا النحو، تمَّ الإحتفال “بتحرير عدن” مع رفعِ أعلام اليمن الجنوبي السابق ذات النجوم الحمراء ووعودٍ بإعلان الإستقلال. إلا أن البلدان الأعضاءَ في التحالف ما زالت تتظاهرُ بإيمانَها بيمن موحَّد. من جهتهم، يدّعي الناشطون الجنوبيّون في عدن وامتداداتها النائية (hinterland)، أكانوا متأثِّرين بالأيديولوجيّات الاشتراكيّة والإسلامويّة أم لا، أنه يسَعُهم ترؤّس دولةٍ جديدةٍ والعودة إلى الوضع الذي كان قائماً قبلَ اتِّحاد اليمن الجنوبي مع اليمن الشمالي في أيار/مايو 1990. هم يتناسَون هنا دون ريبٍ الانقساماتِ الجنوبية، لا سيَّما احتقارَ سكّان محافظةِ الحضرموت الشرقيّة لهم، الذين كوَّنوا هويّة خاصّة بهم لا يبدون رغبةً تُذكَر بالعودة إلى عباءةِ عدن، مفضِّلين دونَ شكّ نيلَ استقلالِهم أو حتى الانضِمامَ إلى المملكة السعودية.

هشاشةُ القيادةِ السعودية

وأخيراً، كان الهدفُ الرابع للسعوديين في اليمن، وهو ضمنيٌّ هذه المرة، تدعيمَ شرعيّة الملك الجديد سلمان وابنه محمد بن سلمان، وزيرِ الدفاع الشاب. فلا شكّ أنّ المناورة لتنصيب هذا الأخير نائب الأمير وليَّ العهد، عوضاً عن آخرين أكبرَ سنّاً في العائلة الحاكمة، تتطلَّب من هذا الأميرِ الشاب، لاعبِ الظل، أن يُثبِت جدارتَه. في هذا السياق، بَدت الأرضيّةُ اليمنيّة مناسِبةً تماماً للغرض المبتغى. بيدَ أنّه من المؤكَّد أنّ الأمورَ لم تجرِ كما كان مخطَّطاً لها، وإن لم يكنْ الملك سلمان وابنه عرضةً لمعارَضةٍ صريحةٍ ورسميّةٍ في المملكة السعودية. فالاختراقاتُ المتكرِّرة للحوثيّين في الأراضي السعودية واطلاقُهم صواريخ سكود باتِّجاه مدينة نجران الحدوديّة تشكّل علاماتِ هشاشة، بالإضافة إلى الخسائرَ السعوديّة والإماراتيّة التي لا يَسَعُها إلا أن تثيرَ تساءلات.

كما أن تطوُّر العلاقات الداخليّة للتحالف، والتوتُّراتِ بين بلدان الخليج، والإخلالَ بوعودٍ بالتدخُّل البرّي خاصّة من قبل باكستان وتركيا ومصر والسنغال، لا تعطي بدورِها صورة قيادةٍ إقليميّة ذاتِ انعكاسٍ داخلي. ثم أنَّ تمديدَ الهجوم، ووعودَ التمويل التي أُعطيَت غالباً لبلدان التحالف، لا سيّما للمغرب ومصر والأردن، تشكِّل عبأً على الميزانيّة السعودية التي تعاني أساساً من عجزٍ كبير (نتكلَّم عن مئتي مليار دولار لسنة 20153)، وذلك في حين انخفضَ سعر برميل النفط بنسبة 50 % منذ إطلاق الهجوم ، وهو بالكاد يبلغَ الآن 45 دولاراً.

وقد أظهرَ المجتمع الدولي، بتبنّيه ودونَ صعوبةٍ تُذكَر القرار 2216 في ابريل 2015، عن تمسُّكِه، في نهايةِ الأمر، بتوكيلِ إدارةِ الملف اليمني إلى المملكة السعودية. حتى أن الصين وروسيا (على الرغمِ من امتِناع هذه الأخيرة عن التصويت) لم تقترِحا بديلاً. هذا ومع أنَّ مؤسسة الأمم المتحدة لم توفِّر جهداً لتشجيع المفاوضات، لا سيَّما تجاهَ سلطنة عمان، فإن الفشلَ الرباعي للتحالفِ السعودي يترافقُ مع إخلالات هي أساساً من فعلِ القوى الغربية الكبرى.

استِخفافٌ بالبشر والتراث

الاستخفافُ بالمسألة الإنسانيّة جليٌّ ويجب أن يكفي وحدَه للتساؤل حول التبعيّة الراهنة. لم تخفِّف الهدنات الإنسانيّة المزعومةُ التي أعلَنها التحالف بأيِّ شكلٍ من وطأةِ الحصارِ المفروضِ منذ آذار/ مارس. كما لم ينتج أيُّ تحسُّن يُذكَر عن وصولِ المساعدات الإنسانية ونشاطِ مركز الملك سلمان وهو مركِز المساعدات السعودية منذ انشائه في أيار/ مايو 20154.

عمَدت قواتُ التحالف على نحو مُتعمَّد إلى قصفِ وتدميرِ مرفأ الحديدة المطلِّ على البحر الأحمر والواقعِ تحت سيطرةِ الحوثيّين، وبقى مرفأُ عدن الوحيدَ القادرَ على استقبالِ المعونةِ الإنسانيّة التي يعتمدُ عليها ما يقاربُ 30 مليون يمني. لا تتردَّدُ وكالات الأمم المتّحدة بالتحذير من خطر مجاعة جدي. وفي هذا السياق، لن تلبثَ دفعات اللاجئين اليمنيين أن تضافَ إلى دفعاتٍ الآخرين الذين يصلون إلى أوروبا من سوريين وسودانيين وأرتيريين.

من زاويةٍ أخرى أكثرَ دلالةً، لا يمكنُ وضعُ الاستخفافَ الذي تمَّ التعاملُ به مع التراثِ التاريخي خارجَ الحسابَ حين نلاحِظ إجماعاً في الوعي الأوروبي على أنَّ تدميرَ تدمر في سوريا تجسيدٌ “لبربريّة” تنظيم الدولة الإسلامية. سبق أن أصابَ القصفُ السعودي الجوّي مدينةَ صنعاء القديمة المسجّلة في قائمة منظمة اليونيسكو لمواقع التراث العالمي، بالإضافةِ إلى عدّة متاحف ومواقع أثريّة. وينذر حجم الدمار في عدن وتعز بمصير أسوأ قد يصيبُ صنعاء في حالِ أُطلِق هجومٌ برّي على العاصمة.

الجهاديّون: هل هُم المنتصرون الوحيدون؟

لا يَسًعُ الداعمون الدوليّون للهجوم السعودي أن يتجاهلوا إلى أي حدٍّ تخدمُ بنيةُ الصراع الجماعات الجهادية. ليس المنطقُ المذهبي المعادي للشيعةِ دائماً مضمراً، ويُستحضرُ بصورة رئيسية لشرعَنة الحرب ضد الحوثيين، ولا يتعارضُ البتّة مع الإيديولوجيا التي ينادي بها تنظيمُ القاعدة في جزيرة (AQPA) العرب، ولا بالطبع مع تلك الخاصّة بتنظيم الدولة. وقد تبنّى هذا الأخير، التي ظهر حديثاً في اليمن، عدّة عمليّات ضدّ جوامعَ زيدية. كما يخدمُ انهيارُ مؤسَّسات الدولة وانتشارُ ثقافةِ السلاح، خاصّةً في الجنوب، وبصورةٍ واضحة، مساعي الناشطين المسلحين الإسلامويّين السنّة لتوطيدِ موطئِ قدمِهم. في نيسان/ إبريل الماضي، حين استولَت جماعاتٌ تُجاهِر بانتمائها إلى تنظيمِ القاعدة في جزيرة العرب على المكلّا في شرق البلاد، وهي المدينة الخامسة في البلد، لم يبادِر التحالفُ إلى قصفِ مواقعَ جهاديّة.

ويستمرُّ الجهاديّون اليوم بالسيطرة على المدينةِ وبفرضِ نمطِ إدارتهم للشؤون العامة. وقد أثارَت استعادةُ عدن من الحوثيّين في أغسطس بلبلةً فعلية، ورفرفَت أعلامُ الجهاديّين السوداء في منتصَف أغسطس فوق بعضِ المباني، في حين حصلت هجومات ضد قوى الأمن. طبعاً، أدّت ضرباتُ الطائرات الأميركية بدونِ طيار إلى قتلِ عددٍ كبيرٍ من قادةِ تنظيمِ القاعدةِ في شبه الجزيرة العربية منذ مارس، وأهمُّهم ناصر الوحيشي. إلّا أنّ هذه الانتِصاراتِ قد تكون خادِعة، باعتبار أنَّ تفكيكَ التنظيم المذكور يصبُّ في صالحِ تنظيم الدولة.

ترجمة زكي بيضون

1أعيدت تسمية العملية رسمياً “إعادة الأمل” في 20 نيسان 2015، ولكن هذه التسمية ليست متداولة.

2Iona Craig, Yemen’s Hidden War : How the Saudi-Led Coalition Is Killing Civilians, The Intercept, 1er September 2015.

3Ambrose Evans-Pritchard , « Saudi Arabia may go broke before the US oil industry buckles », The Telegraph, 5 August 2015.

4Joe Dyke et Annie Slemrod, « The most important aid organisation you’ve never heard of », Irin, 2 July 2015.