لم يتم تجاوز السقف الزجاجي الطائفي اللبناني: لم تجد « ثورة القمامة » لصائفة 2015 ترجمة انتخابية لها. فعشرات الآلاف من المتظاهرين آنذاك كانوا ينددون بالتسيير السيئ للقاذورات من طرف الحكومة، كما كانوا ينددون أيضا ب“النظام الطائفي” اللبناني. وقد حاولت خلال الانتخابات البلدية في مايو/ أيار 2016 حركة “مواطنون ومواطنات في دولة” التي كان يقودها وزير العمل السابق شربل نحاس أو قائمة “بيروت مدينتي” إعطاء بعد لديناميكية صائفة 2015 ولكن بنجاحات محدودة.
“مجتمع مدني” غير مرئي؟
لم تغر قائمة “كلنا ـ وطني” الناخبين في مايو/أيار 2018 : لقد تحصلت بولا يعقوبيان على مقعد في الدائرة الأولى ببيروت ذات الأغلبية المسيحية، لكن في المناطق الأخرى جاء هذا التحالف الذي يقدم نفسه على أنه “المجتمع المدني” في الغالب في المرتبة الأخيرة. ولم تحصل القائمة في دائرة بيبلوس وكسروان شمال العاصمة سوى على 2526 صوت وقد سبقها بكثير التيار الوطني الحر المقرب من رئيس الجمهورية، ميشال عون. وفي طرابلس، ثاني أكبر مدينة في لبنان، لم يحصل نفس التحالف سوى على 2680 صوت ولم يكن قادرا على منافسة الماكينات الانتخابية الكبرى للوزير الأول السابق، نجيب ميقاتي، أو تيار المستقبل لسعد الحريري اللذين جمعا معا أكثر من 90 ألف صوت. كان الحزب الشيوعي اللبناني ناشطا بارزا في التعبئات الاجتماعية والنقابية خلال السنوات الأخيرة، وقد نجا في هذه العملية في جنوب لبنان. فأمام ائتلاف مهيمن لحركتي أمل وحزب الله (134068 صوت) حصد 11481 صوتا في دائرة الزهراني – صور.
لم يكن إذا هناك تقدم ملحوظ للقوائم المعارضة للنظام الطائفي اللبناني وأسباب ذلك كثيرة. لقد فتح لهم القانون الانتخابي1 الفرصة بإدخاله جرعة من التصويت النسبي، غير أن الدوائر الخمس عشرة الكبرى بقيت مع ذلك ترتكز على تقسيم طائفي. وخلال الحملة كانت هناك حالة من الاختفاء الإعلامي لهذه القوائم لأنه كان على المترشحين المستقلين دفع ثمن باهظ مقابل الظهور في التلفزيون. كما لم يكن للشبكات الاجتماعية أثر يذكر أمام تشكيلات طائفية تستعمل موارد مالية أكيدة وتستند على شبكات زبائنية قائمة. كما مورست في بعض الأحيان ضغوطات على المترشحين المستقلين من طرف الأحزاب الطائفية الكبرى.
وخلال يوم الاقتراع لم تكن القوائم المستقلة قادرة على منافسة الأجهزة الحزبية لتيار المستقبل والتيار الوطني الحر أو لحزب الله والتي كان مناضلوها متواجدين أمام مراكز الاقتراع. كما كان لتباين هذه القوائم أثره في الفشل: فمجرد معارضة الطائفية والفساد لا يكفي على ما يبدو لرسم بديل سياسي. فتحالف “كلنا ـ وطني” كان يجمع قوى مختلفة، بعض منها متمركز في اليسار مثل حركة “مواطنون ومواطنات في دولة” وأيضا شخصيات مقربة من الحزب الشيوعي اللبناني مثل محمد مقداد الذي كان مرشحا للمقعد الشيعي الوحيد في بيبلوس. أما البعض الآخر فقدموا أنفسهم على أنهم مجرد “مجتمع مدني” وهو مفهوم يصعب تحديده وهو بعيد أحيانا عن المجتمع الحقيقي. كما تباينت خيارات مترشحي “كلنا ـ وطني” بخصوص الملفات الإقليمية الكبرى: سوريا، إيران والصراع الإسرائيلي العربي. ويبقى مع ذلك مكسب: فعلى الرغم من كونها أقلية وغير متجانسة، ساهمت هذه القوائم المستقلة بشكل متواضع في تنويع العرض السياسي في لبنان بحملها مواضيع تشكل فتحات صغيرة على المستقبل، مثل الحق في المدينة والفضاء العام، البيئة وإلغاء طائفية النظام اللبناني.
حزب الله، تصويت وطني ذو بعد إقليمي
لم تتم تعبئة الناخبين لا على موضوع الفساد ولا على سوء تسيير الدولة ولا على النقص الفادح في الخدمات الاجتماعية أو إصلاح المؤسسات. لقد دافع الناخبون عن طوائفهم من ناحية وعن فكرة معينة بخصوص النظام الاقليمي من ناحية أخرى. وتشكل الطائفة الشيعية مثالا واضحا عن ذلك، حيث يبدو نجاح القوائم الموحدة بين حزب الله وحركة أمل (حزب رئيس البرلمان، نبيه بري) كاملا من كل النواحي. فقد تحصلوا لوحدهم على37 % من أصوات الناخبين كما استفادوا أيضا من أصوات النواب السنة الذين قدموا لهم الدعم. وهكذا تقدمت في دائرة صيدا ـ جزين بالجنوب قائمة أسامة سعد، قائد المنظمة الشعبية الناصرية، التي تحصلت على 22083 صوتا، على قائمة لهية الحريري شقيقة رئيس الحكومة الأسبق، رفيق الحريري، المغتال في فبراير 2005 (16470 صوت). كما يمكن لحزب الله أن يعتمد في البقاع الغربي على دعم النائب السني عبد الرحيم مراد من الاتحاد الاشتراكي العربي (ناصري). وفي طرابلس تحصلت قائمة فيصل كرامي على مقعدين، في حين تمكنت ببيروت القائمة التي يدعمها حزب الله من إحداث خرق باكتسابها مقعدا سنيا. وبالفعل تحصل عدنان طرابلسي عضو الطريقة الإسلامية الحبشية على قرابة الأربعة عشر ألف صوت في دائرة بيروت الثانية. وفضلا عن التعبئة القوية للشيعة، حقق تحالف حزب الله وحركة أمل اختراقات مهمة في طائفة سنية تعتبر مناوئة للتدخل المسلح لحزب الله في سوريا.
تمثل النجاحات الانتخابية لحزب الله وشريكته حركة أمل تعبيرا عن ديناميكيتين مجتمعتين. الأولى كونها تشكيلة تقدم مساعدات وخدمات للطائفة الشيعية. ولكن، على عكس الاعتقاد السائد فإن حركة أمل هي التي تمتلك أهم مقاليد توزيع ريع شعبي وطائفي حيث التصقت منذ بداية التسعينيات بالعديد من مؤسسات الدولة ( وزارات عمومية ومجلس جنوب لبنان). من جانبه يرتكز حزب الله على شرعية شعبية مزدوجة، تتعلق الأولى باستثماره في مقاومة إسرائيل في جنوب لبنان: مازالت الآثار المتأخرة لتحرير الجنوب في مايو 2000 والتي ترجمت بانسحاب دون تفاوض للقوات الإسرائيلية من الجزء المحتل من البلاد، أو حرب يوليو، أغسطس/ تموز، آب 2006، قائمة بما في ذلك على المستوى الانتخابي. ويشترك جزء من لطائفة الشيعية اللبنانية مع حزب الله في ذاكرة الاحتلال الاسرائيلي يتم تداولها من جيل لآخر منذ منتصف الثمانينيات.
وتتعلق الشرعية الثانية لحزب الله بالحرب في سوريا. صحيح أن حزب الله تكبد خسائر على الجبهة السورية منذ 2013 ، غير أن تزايد العمليات الإرهابية المدبرة من طرف تنظيم الدولة الاسلامية في ضاحية بيروت الجنوبية خلال السنوات الأخيرة أحدث تلاحما قويا للشيعة اللبنانيين حول حزب الله. وقد كان لخطابه المناوئ للإرهاب أثرا انتخابيا فيما بعد، كما أن المعركة التي قادها خلال صيف 2017 على الحدود الشرقية للبلاد ضد “فتح الشام” وهي مجموعة كانت مرتبطة سابقا بتنظيم القاعدة، أو تنسيقه النسبي مع الجيش اللبناني خلال عمليات قتالية، عززت الرواية “الوطنية” للحزب. وأخيرا كان لجزء من الناخبين الشيعة رد فعل دفاعي لا شك فيه: فأمام الهجمات المنتظمة لسلاح الجو الإسرائيلي على المواقع العسكرية لحزب الله في سوريا أو أمام العقوبات المالية والسياسية الأمريكية والسعودية ضد حزب الله منذ انعقاد القمة “الإسلامية الأمريكية” في الرياض في مايو/أيار 2017، أخذ التصويت الداعم للطائفة الشيعية للثنائي أمل ـ حزب الله بعدا وطنيا وإقليميا في نفس الوقت.
سعد الحريري، الصدمة السعودية العكسية
تبدو هيمنة حزب الله وحركة أمل على الشيعة في لبنان مناقضة تماما للتراجع الملموس لتيار المستقبل لرئيس الحكومة سعد الحريري والذي لم تعطه الطائفة السنية التفضيل الذي كانت تمنحه له في الماضي، وهو اتجاه كان قد سبق وان برز خلال الانتخابات البلدية في مايو/أيار ٢٠١٦. لم يعد لدى تيار المستقبل سوى 21 مقعدا في البرلمان الجديد مقابل 33 خلال العهدة السابقة. وقد أعيد انتخاب سعد الحريري في دائرة بيروت الثانية إلى جانب وزيره للداخلية نهاد مشنوق. وإن كان تيار المستقبل قد نجح في جمع 62970 صوت، فهو لم يحصل مع ذلك إلا على 6 مقاعد من 11 في العاصمة. ففي منطقة عكار، وهو معقل تقليدي شمالي لتشكيلة سعد الحريري، حافظ تيار المستقبل على مكانته بانتزاع 5 مقاعد من 7. ولكنه شهد التراجع الأهم في طرابلس. صحيح أن 51937 ناخبا دعموا رئيس الحكومة المنتهية ولايته، غير أن قائمة “الكرامة الوطنية” المقربة من حزب الله والتي قادها “فيصل كرامي” تحصلت على مقعدين، في حين افتكت قائمة رئيس الحكومة الأسبق نجيب ميقاتي 4 مقاعد. وبالتالي لم يتمكن “تيار المستقبل” من الحصول سوى على أقل من نصف المقاعد 11 في ثاني أكبر مدن البلاد.
ويبدو جليا أن سعد الحريري عانى من صدمة انتخابية مضادة للهجمة السعودية في نوفمبر/تشرين الثاني ٢٠١٧عندما استدعي إلى الرياض وأعلن منها استقالته في ظروف ما تزال غامضة. وكانت السلطات السعودية تحاول نسف حكومة الوحدة الوطنية التي تجمع تيار المستقبل بحزب الله. وطبعا منيت الهجمة السعودية بالفشل ورجع سعد الحريري عن استقالته في 29 نوفمبر/ تشرين الثاني. وقد أظهرت أهم البلدان الغربية وعلى رأسها فرنسا دعمها لرئيس الحكومة اللبناني عبر المؤتمر الاقتصادي من أجل التنمية عبر الإصلاحات ومع المقاولات (الأرز) الذي نظم في باريس قبل أقل من شهر من الانتخابات. وتم منح 11 مليار دولار (3,9 مليار أورو) من القروض والمساعدات للبنان. غير أن لا المساعدات القادمة من جزء من “المجتمع الدولي”، ولا حملة رئيس الحكومة التي حاولت جذب تعاطف من الرأي العام، كانت كافية لإنقاذ تيار المستقبل: التراجع أصبح أكيدا ويبدو أنه مداوم. المكسب الوحيد للحريري المنتهية ولايته هو أن حزبه مازال محتفظا ببعده الوطني، بمعنى أنه يغطي كل مناطق لبنان. وهو ليس حال منافسيه السنة: فليس لقائمة نجيب ميقاتي وجود إلا في طرابلس. أما النائب أسامة سعد، المتحالف مع حزب الله، فلا يمكنه الاتكال إلا على قوى التنظيم الشعبي الناصري بصيدا. وعلى الرغم من تراجعه، يبقى تيار المستقبل التشكيلة السنية الأولى في عدد الأصوات وبالتالي لا يوجد بَعدُ بديل لسعد الحريري الذي ينتظر أن تتم إعادة تعيينه في منصب رئيس الحكومة.
قوات جعجع تحدث المفاجأة
حزب الله قوي وتيار المستقبل في تراجع، تلك هي الاتجاهات الهيكلية التي تأكدت بعد الاقتراع. لكن المفاجأة الحقيقية لهذه الانتخابات النيابية تكمن في صعود القوات اللبنانية لسمير جعجع ضمن الطائفة المسيحية وعلى الخصوص المارونية. واتجاهات هذا الحزب معروفة، فهو يعارض بشدة دمشق وطهران. كما أن القوات اللبنانية نالت ترحيبا لدى الرياض خلال الأشهر الأخيرة، عندما قام سمير جعجع في أيلول/سبتمبر 2017 بزيارة للسعودية إلى جانب سامي جميّل، مسؤول الكتائب اللبنانية، كما أبدت الإمارات العربية المتحدة ترحيبا بخطاب القوات اللبنانية.
وفي نفس الوقت اكتسبت القوات اللبنانية مصداقية أكبر خلال السنوات الأخيرة بانتهاجها سلوكا براغماتيا واضحا. فقد راهنت على إعطاء صورة تشكيلة ملتزمة بإحداث مصالحة بين المسيحيين. وقد أمضت في يناير/كانون الثاني 2016 اتفاقا مع التيار الوطني الحر، لميشال عون، التي كانت قد اشتبكت معه عسكريا في بداية التسعينيات. كما أظهرت القوات اللبنانية في الأخير بأنها تنظيم حزبي فعال حيث قامت بحملة ملصقات مكثفة في البلاد وبدراسة للخريطة الإنتخابية بشكل أفضل من الآخرين وجندت جهازا نضاليا منظما. بالتأكيد لم تفز القوات اللبنانية بالانتخابات ويبقى التيار الوطني الحر التشكيلة المسيحية الأولى بكتلة برلمانية تتشكل من 25 نائبا. غير أن القوات اللبنانية ضاعفت من حصتها حيث انتقلت من 8 إلى 16 مقعدا. كما فازت باستحقاق في الدائرة الثالثة بالبقاع ذو الأغلبية الشيعية بالمقعد الماروني الوحيد بالمنطقة، إذ تحصل مرشحها أنطوان حبشي على 14858 صوت.
وراهنت الكتائب اللبنانية لسامي جميل على التموقع في معارضة الحكومة التي لا تشارك فيها، ولكنها لم تحصل في الأخير سوى على 3 مقاعد، فاقدة بذلك مقعدين. ونلاحظ هكذا حالة من إعادة تشكيل سياسي في المشهد المسيحي، ما زال من الصعب تحديد ملامحها. فمنذ فبراير 2006، كان التيار الوطني الحر رهين وفاق مع حزب الله2. وتبقى التشكيلتان متحالفتين لكنهما اتخذتا طرقا مختلفة خلال هذه الانتخابات. فالعلاقة بين الحزب الرئاسي وحركة أمل الشيعية، الشريك الانتخابي لحزب الله، هي في أدنى مستوياتها مما شكل اهتزازا لتحالف 8 مارس/آذار القديم الذي كان يبدو صلبا. أما الكتائب اللبنانية فهي تتراجع لصالح القوات اللبنانية التي أصبحت تحتكر الآن خطابا تقليديا متجذرا في الطائفة المسيحية والمتمثل في معارضة الجار السوري. فتحالف 14 آذار القديم الذي أنشئ في 2005 في خضم المظاهرات المطالبة بانسحاب الوجود السوري من لبنان، أصبح له الآن ناطق جديد بمقدوره إعادة تنشيط خطابه: القوات اللبنانية.
هل لبنان في حالة تبعية؟
وبغض النظر عن موازين القوى داخل وما بين الطوائف، تؤكد الانتخابات التشريعية اللبنانية سمة فريدة للبنان، تتمثل في تغيير ظرفي ضمن ديمومة هيكلية. فمن غير المجدي القول بأن لا شيء جديد قد حدث تحت الشمس بعد هذه الانتخابات، بل على العكس من ذلك حدث تشبيب في البرلمان. وقد بدأ يحل جيل جديد محل “الآباء”: سيدخل تيمور جنبلاط، ابن الزعيم الدرزي وليد جنبلاط، إلى البرلمان الجديد بالأصوات ال11478 التي وضعت على اسمه. وفي الدائرة الثالثة لشمال لبنان يستلم وريث عائلة فرنجية، طوني، والذي لا يتجاوز 31 سنة المشعل الماروني من جده الأول، سليمان فرنجية، رئيس الجمهورية (1970 ـ 1976) ومن والده النائب المنتهية ولايته عن زغرتا. كما تم خلال هذه الانتخابات تليين للانقسام بين الائتلافين الكبيرين ل 8 آذار و14 آذار الساري منذ 2005. وسنرى في المستقبل إن كانت العلاقات بين تيار المستقبل وحزب الله قد تضررت بعد انتخابات أخذوا فيها مواقع متعارضة. ومن جهة أخرى، إن كانت القوائم المعارضة للنظام الطائفي في لبنان لم تحدث اختراقا، فإن بروزها على المستوى الوطني يشكل أمرا غير مسبوق. وفي الأخير يلاحظ إن تعقيد القانون الانتخابي، الذي يمزج المنطق الطائفي بجرعة من التناسبية و“التصويت التفضيلي” ـ اذ يتعين على الناخبين أن يصوتوا في نفس الوقت على قوائم وأن يختاروا أيضا مرشحهم المفضل ـ شجع تحالفات محلية تبدو غريبة أحيانا. وهكذا وجد التيار الوطني الحر نفسه متحالفا مع الإخوان المسلمين لبسام حمود في دائرة صيدا ـ جزين ضد تيار المستقبل.
لا تخفي هذه التغييرات الظرفية حالة هيكلية تتمثل في كون الناخبين اللبنانيين، حتى عندما يتجندون بشكل ضعيف ـ 49% من المسجلين ـ يصوتون وفق معيارين. المعيار الأول طائفي: ليس البرنامج هو الاهم بل الدفاع عن الطائفة. وبالفعل لم تشهد الانتخابات النيابية صراعا بين مشاريع مجتمع كبرى في مجال الاقتصاد أو تسيير الدولة. ويعود المعيار الثاني إلى الوضع الإقليمي حيث يرتبط تصويت اللبنانيين بوضع جيوسياسي حساس. وينطبق ذلك بشكل خاص على الطائفة الشيعية الملتحمة بسبب تاريخ النزاع الإسرائيلي العربي من جهة وبآثار الحرب في سوريا من جهة أخرى. كما ينطبق ذلك أيضا على تيار المستقبل وعلى الطائفة السنية المرتبطين بقوة بالتوجهات السعودية.
هل تجعل هذه العلاقة بين المنطق الانتخابي اللبناني والمسألة الجيوسياسية الكبيرة في الشرق الأوسط من لبنان بلدا تابعا؟ يبدو أن الجواب لا، حيث أن للتصويت اللبناني تداعيات إقليمية. فكل من السعودية وإسرائيل والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي يتابعون نتائج الانتخابات بتخوف أو باهتمام. فعبر التعبير عن اختيارهم الانتخابي يقوم اللبنانيات واللبنانيون بتبليغ رسائل سياسية واضحة للعالم: إنه شعب يحسب له حساب وإن كان منقسما.