فرنسا وإسرائيل. أي لوبي صهيوني؟ (4)

مع إلنت، اكتشفوا إسرائيل، ومستوطناتها، وتكنولوجيات المراقبة التي تستعملها!

تحقيق · إلنت (Elnet - European Leadership Network) شبكة أوروبية لها مقر في باريس وبروكسل ولندن وبرلين ومدريد ووارسو. مهمتها تعزيز الروابط بين فرنسا وإسرائيل من خلال استهداف القيادات وأصحاب الشركات والمنتخبين. وهي مؤسسة لا تثير ضجة كبيرة وتتمتع بموارد مالية مهمة، ويتمثل نشاطها الأساسي في بيع إسرائيل كمنتوج على الساحة الفرنسية، إن كان من خلال شركاتها الناشئة أو مستوطناتها، وذلك بخلق شبكة من أصحاب القرار الموالين لإسرائيل والحفاظ عليهم.

إسرائيل، يونيو/حزيران 2019. الإمام حسن شلغومي إلى جوار الرئيس رؤوفين ريفلين وبرفقة وفد الكسلكين الشباب من فرنسا وبلجيكا والذين نظمت رحلتهم من قبل إلنت فرنسا (في الصف الثاني، الشخص الثاني ابتداء من اليسار هو مدير المنظمة، آريي بنسمحون).
elnetwork.fr

يتجسد اللوبي الموالي لإسرائيل في فرنسا من خلال منظمة تحمل اسما محايدا وهو “إلنت” أي شبكة القيادة الأوروبية (Elnet - European Leadership Network). تقدم المنظمة طموحها كالتالي: “العمل على تعزيز العلاقات الثنائية بين إسرائيل وفرنسا”. رئيسها بيار داراس يتجنب الأضواء ويعيش في سويسرا، وهو في محور مجموعة من المؤسسات -منها إلنت- التي تهتم بـ“القياديين الشبان” و“الحوار الاستراتيجي”. أهمها هي مؤسسة The House of the rising stars (بيت النجوم الصاعدة) التي تقع في جنيف ولها بدورها روابط عديدة لا سيما مع معهد الدراسات العليا للدفاع الوطني في فرنسا. فجميعنا يعلم ميولات الجيش الفرنسي لإسرائيل…

تسعى إلنت إلى أن تقدم نفسها كمؤسسة أوروبية من خلال مكاتبها في باريس وبروكسل ولندن وبرلين ومدريد ووارسو. لكنها تحظى كذلك بجمعية تدعى “أصدقاء إلنت” مقرها في نيويورك ولوس أنجلس ومهمتها جمع الأموال لفائدة المؤسسة الأم في الولايات المتحدة الأمريكية. وقد نظمت هذه الجمعية في 15 نوفمبر/تشرين الثاني 2020 حفلا افتراضيا لـ“تعزيز الروابط الأوروبية-الإسرائيلية” وجمع الأموال لهذا الغرض، بحضور محسنين موالين لإسرائيل، والرئيس رؤوفين ريفلين، ووزير الخارجية غابي أشكنازي، ويائير لابيد وهو وزير سابق من “وسط اليسار” يقدم نفسه كقائد للمعارضة، وهو أيضا السياسي الإسرائيلي الوحيد الذي يحب الرئيس إيمانويل ماكرون صحبته. لابيد صحفي سابق وكاتب للروايات البوليسية، وقد استقبل بحفاوة في قصر الإليزيه في أبريل/نيسان 2019، قبيل إحدى الدورات الانتخابية الإسرائيلية.

من بين هؤلاء الشخصيات الذين تسهر إلنت على التواصل معهم، نجد برونو ترتي، وهو ممثل مهم للبحث العلمي الخاص في فرنسا. ترتي مدير مساعد في مؤسسة البحث الاستراتيجي وملحق علوي في معهد مونتاني، كما هو مختص في شؤون الدفاع بعد عمله مع حلف شمال الأطلسي وشركة راند. وقد انضم ترتي لفترة ما إلى الحزب الاشتراكي الفرنسي وإلى مؤسسة تيرا نوفا (Terra Nova) قبل أن يصبح مستشارا لإيمانويل ماكرون في المسائل “الاستراتيجية” خلال الحملة الانتخابية. بعبارة أخرى، فهو رجل محنك وذو خبرة.

خلال ندوة افتراضية في يونيو/حزيران 2020، قدم ترتي “تحية لإلنت التي سمحت لي بمعرفة جميع أوجه وجميع حقائق المجتمع الإسرائيلي”. غريب أن يحتاج ترتي -الذي يتمتع بحضور منتظم في مختلف وسائل الإعلام المكتوبة والسمعية البصرية- إلى لوبي حتى تتكون له فكرة على المجتمع الإسرائيلي.

تغيير مواقف فرنسا

في الحقيقة، يجهل الرأي العام وجود إلنت التي لا تهتم فعلا بحقائق مجتمع منقسم كالمجتمع الإسرائيلي، حيث يتظاهر آلاف الأشخاص أسبوعيا -رغم الأزمة الصحية- ضد سياسة نتانياهو الفاسد. ما يهم المنظمة هو “العلاقات الاستراتيجية” والسياسة المناهضة لإيران ومكافحة حملة المقاطعة ضد المنتوجات الإسرائيلية، ناهيك عن دعمها للمستوطنات. وكل هذه المواضيع هي طبعا جوهرية في سياسة الوزير الأول الإسرائيلي.

وفق مدير إلنت في فرنسا آري بنسنحوم، لا يوجد أي لُبس حول الدور الذي تقوم به جمعيته، “حتى وإن لم تكن إلنت عمليا قوة ضغط، فنحن لا نبيع شيئا”. لا شيء… ما عدا سياسة الحكومة الإسرائيلية. وقد شرح لي أن إلنت فرنسا تسعى إلى “قلب الطاولة على مواقف فرنسا حول ما يسمى بالصراع الفلسطيني-الإسرائيلي. لم نعد في 1967 وحتى أوسلو باتت ذكرى بعيدة اليوم. يجب أخذ ميزان القوى على الأرض بعين الاعتبار، وكذلك التطورات في العالم العربي، ومخطط ترامب، لا من أجل قبوله جملة وتفصيلا، بل لأنه عنصر جديد ونقطة انطلاق”.

يريد آري بنسنحوم من فرنسا أن “تغير خطابها”، ويطالب بموقف جديد “واضح وصريح، يشمل الاعتراف بالقدس كعاصمة لإسرائيل”. فعلا، بنسنحوم واضح وصريح، لا شك في ذلك. على الأقل، هو أكثر وضوحا وصراحة من عشرات المختصين والمفكرين والمنتخبين الذين يقوم بدعوتهم على حساب المنظمة إلى إسرائيل، والذين يقدمون بعد ذلك لقرائهم وطلبتهم وناخبيهم خطابا مصطنعا، على غرار النائبة عن الحزب الحاكم أورور برجي وزملائها في البرلمان الفرنسي سيلفان مايار (نفس الحزب) وماير حبيب (وسط اليمين)، وبرونو ترتي، وعالم الاجتماع جيرار رابينوفيتش، وغيرهم. يؤكد بنسنحوم: “لا وجود للصداقة في السياسة الخارجية، فقط للعلاقات. صحيح أن العلاقة بين فرنسا وإسرائيل ليست من نوع”في الهوى سوا“، لكنها علاقة متوازنة وإيجابية وبناءة، وتتسم بالكثير من التعاون في مجال البحث العلمي، والتجديد، وريادة الأعمال، وتبادل المعلومات حول المسائل الاستراتيجية والعسكرية وفي مجال مكافحة الإرهاب”.

هذا هو مجال عمل إلنت فرنسا، أو ما يعبر عنه جان-دفيد بنيشو، وهو صناعي في مجال التكنولوجيا العالية وعضو في مجلس إدارة المؤسسة عندما يقول إنه يجب “القضاء على التوجس المتبادل للتأسيس للثقة المتبادلة، ومرافقة المنتخبين لخلق بيئة للحوار”. ويضيف آري بنسنحوم من جهته: “إلنت جمعية فرنسية، وهي غير حكومية وغير طائفية، وهي موجودة في سجل الجمعيات. نحن مؤسسة فكرية ومؤسسة فعلية، ننظم بعثات ووفودا وندوات. تمويلنا خاص من طرف مؤسسات وشركات وخواص، ولا نحظى بأي تمويل عمومي”.

صحيح أن أولوية اللوبي الصهيوني هي الولايات المتحدة الأمريكية، فهي أول من يمدها بالسلاح، بينما يوجد الاتحاد الأوروبي في الدرجة الثانية. فإسرائيل عضو في عدد من المؤسسات الأوروبية، بعضها مشهور، مثل المؤسسة المنظمة لمسابقة الأغنية الأوروبية (Eurovision) أو كأس أوروبا لكرة القدم. كما أنها تساهم في عدد من البرامج الأوروبية التي تعود بالفائدة على شركاتها، مثل المشروع الهائل لتأمين أنابيب الغاز الأوروبية والذي تشارك فيه إلبت سيستمز (Elbit Systems)، إحدى مجموعات الدفاع الإسرائيلية الثلاثة الأولى. مسألة الأمن مسألة حاسمة بالنسبة لإسرائيل، لذا فإن التعاون مع الأوروبيين ضروري بالنسبة لها، وهي الشريك الوحيد الذي يحظى في الحقيقة بمرتبة شبه عضو في الاتحاد الأوروبي. ناهيك أن مكتب إلنت في بروكسل يشمل أيضا حلف شمال الأطلسي وهو يقوم -وفق أحد المراقبين- بـ“عمليات ضغط تقليدية لصالح بلاده. حتى أنني خلته في بادئ الأمر وكالة حكومية إسرائيلية”.

“بيانات موجزة استراتيجية” في باريس

لكن فرنسا كقوة عالمية وعضو في مجلس الأمن وأخيرا وليس آخرا ثالث مصدّر عالمي للأسلحة، تبقى رغم كل شيء هدفا مهما بالنسبة لإلنت. ووفق ديبلوماسي إسرائيلي في باريس، فإن “صوت فرنسا ذو ثقل في العالم”. أما إلنت، فهي بالنسبة له “حركة تشتغل على طريقة نظر البعض إلى إسرائيل. لكن ما تقوم به بعض المنظمات لا يهمنا، إذ لا يوجد إلا صوت واحد لإسرائيل في فرنسا وهو صوت السفارة، وإلنت ليست ذراع السفارة”.

حتما، ليست كذلك بنيويا. فإلنت هي أولا وقبل كل شيء وسيلة لتلميع صورة إسرائيل في فرنسا وليست السفارة هي التي ستشكو من ذلك. فعندما جاء العميد رونين مانليس -الناطق باسم قوات الدفاع الإسرائيلية- إلى باريس في يوليو/تموز 2018، كانت إلنت هي التي نظمت له حصص “بيانات موجزة استراتيجية” من تقديم بعض المحاورين الذين تم اختيارهم. كما تم استقباله -ببدلته العسكرية، وهو أمر وصفه المعني بالأمر بالـ“تاريخي” و“الاستثنائي”- من قبل لجنة الشؤون الخارجية للبرلمان الفرنسي في 3 يوليو/تموز 2020. وقد صرّح العميد وهو ببدلته العسكرية قائلا: “نحن نسعى إلى التأثير على الضمائر، وهذا جزء من الصراع ومن المعركة التي نخوضها مع العدو”.

أمام النواب الفرنسيين، أكد رونين مانليس أن مهمة جيشه هي “مكافحة الظلمات بمعية بلدان العالم الحر”، وشن حرب على المنظمات الإرهابية وحماس، التي تتميز بـ“قسوة التي لا يمكن تصورها”. وقد ذكرت رئيسة اللجنة آنذاك ماريال دو سارنيز -والتي توفيت في 13 يناير/كانون الثاني 2021- خلال هذه الجلسة أن “غزة سجن في الهواء الطلق، ولا يمكنكم ولا يجب عليكم أن تتملصوا من مسؤولية ما يحدث هناك”. أما ألان دافيد المنتخب على لائحة الحزب الاشتراكي في إقليم جيروند، فقد علق على رد فعل الجيش الإسرائيلي أمام مسيرات العودة التي نظمت كل يوم جمعة في ربيع 2018 قائلا: “لقد تصرفتم مع وضع أمني كما لو أنكم في حرب، ونحن نندد بهذه المجرزة”. وقد سلك نواب آخرون الطريق نفسه ما عدا ماير حبيب، النائب عن الدائرة الثامنة للفرنسيين المقيمين بالخارج والذي فضل الانطلاق كعادته في خطاباته حول “عنف عداء السامية الذي يغذيه أولا وقبل كل شيء كره إسرائيل. إن السياسيين كما وسائل الإعلام مهووسون بإسرائيل”. أما العميد، فقد فرح لحصة الاستماع هذه وشكر البرلمان الفرنسي للـ“شرف الكبير” الذي حظي به. أن يقوم عميد إسرائيلي بمداخلة في برلمان الجمهورية الفرنسية -التي تندد رسميا ما يحدث في غزة- وهو يلبس بدلته العسكرية، فهذا أمر غير مألوف حقا، ولست متأكدا من كونه مشرفا لفرنسا.

أجمل الرحلات

كل هم إلنت هو جلب إسرائيليين ذوي تأثير إلى باريس وأن ترسل فرنسيين إلى إسرائيل. ويمثل ذلك مصدر فرح لآري بنسنحوم: “كثيرون يسافرون إلى إسرائيل وإلنت تشارك في ذلك، مع عدد من المنتخبين ورجال الأعمال والوفود الجهوية والمحلية. فعندما يذهب الناس هناك ويفهمون مدى تعقد الوضع، فذلك يغير من نظرتهم للموضوع. وبما أن فرنسا تواجه هي الأخرى صعود الراديكالية الإسلامية والإرهاب، فذلك يجعل الفرنسيين أقل تعال وتكبر”. بينما يأسف آخرون للأهمية التي باتت أسفار “الاستكشاف” هذه تأخذها في السنوات الأخيرة، من بينهم هذا السفير الفرنسي السابق الذي يقول: “يحاول الإسرائيليون دائما أخذ الزائرين إلى الجولان وإلى المستوطنات. لم لا، غير أن جميع النصوص الدولية التي أمضينا عليها تقول عكس ذلك. هل تغيرت السياسة الفرنسية؟ إلى حد الآن على الأقل، لم تقل الحكومة:”نحن نحب المستوطنات“”.

وعليه فإن 37 نائبا من انتماءات سياسية مختلفة قاموا “وفق رأي الجميع برحلة جميلة إلى إسرائيل في 2018”، بحسب التعليق الساخر للنائب برونو جونكور. طبعا، كانت الرحلة من تنظيم إلنت، وقد شارك فيها أهم وفد برلماني فرنسي منذ إنشاء إسرائيل سنة 1948. وقد زار هؤلاء مدينة داوود في سيوان المثيرة للجدل، وهي حي فلسطيني في القدس تعتبره السلطات الفرنسية “محتلا”. كما التقوا ببنيامين نتنياهو، وأقاموا عشاء مع وزير العدالة أمير أوحانا وهوعضو سابق في جهاز الأمن الداخلي (شين بت) وحاليا في حزب ليكود اليميني ووزير الأمن العمومي منذ مايو/أيار 2020. يواصل برونو جونكور تعليقه قائلا: “لقد بذلوا جهودا كبيرة، وهذا جزء من استراتيجية الحكومة الإسرائيلية في سعيها إلى تلميع صورتها رغم السياسة التي تقودها”. ويضيف النائب غويندال رويار: “لطالما سعت سفارة إسرائيل في فرنسا وراء النواب الفرنسيين، لكن منذ عقدين، بات ضغط المنظمات الموالية لإسرائيل أشد بكثير. الرحلات لإسرائيل لها تداعياتها، خاصة وأنها موجهة سياسيا. وقد تنبهت لهذا الضغط خلال رئاسة فرانسوا هولاند وخلال العهدة الحالية. لكن إن دعتني إلنت فلن أستجيب، فأنا أعرف جيدا دور هذا اللوبي ولا أريد أن أشارك فيه”.

إلنت نظمت ومولت كذلك رحلة الإمام حسن شلغومي إلى إسرائيل مع أربعة شبان فرنسيين مسلمين، في يونيو/حزيران 2019. وقد كان شلغومي التقى العميد مانليس قبل هذه الرحلة بسنة، عند زيارة الأخير إلى باريس. فإلنت تتمتع بالموارد اللازمة وبتسلسل الأفكار.

هجوم ضد المدافعين عن حقوق الفلسطينيين

خلافا لفرنسا. فبعد أشهر من زيارة العميد مانليس الرسمية، في ديسمبر/كانون الأول 2018، قدمت فرنسا “جائزة حقوق الإنسان” التي أطلقتها سنة 1988، لمنظمتي دفاع عن حقوق الإنسان تنشطان في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وهما المنظمة الإسرائيلية بتسليم والفلسطينية الحق. وتعود مهمة تسليم الجائزة لهاغاي العاد وشوان جبارين اللذان ذهبا إلى باريس بالمناسبة، إلى وزيرة العدل نيكول بيلوبيه، في مكتب وزارتها. لكن سفارة إسرائيل في فرنسا والنائب ماير حبيب والمجلس التمثيلي للمنظمات اليهودية في فرنسا (كريف) قادوا حملة ضد تسليم هذه الجائزة، وتفوهوا بخطاب صادم شبيه بما قاله وزير إسرائيلي آنذاك والذي استشاط غضبا لرؤية فرنسا تكرّم منظمتين “تتهمان إسرائيل بالتمييز العنصري وتنتقدان شرعيتنا على المستوى الدولي وتدافعان عن الإرهاب وتدعمان حملة المقاطعة”، على حد قوله.

أما الـ“كريف”، فقد نشر كذلك على موقعه خطابا يهاجم المنظمتين غير الحكوميتين، وهو خطاب من تأليف NGO Monitor وهي “منظمة غير حكومية معاكسة” إسرائيلية، مهمتها متابعة والتنديد بنشاط منظمات إنسانية في فلسطين وإسرائيل الذي يسفر عن بـ“تشوهات خطيرة”، لا سيما منظمتي بتسليم والحق.

كنا قرابة مائة ضيف في انتظار خطاب الوزيرة التي كانت ستكرم بتسليم والحق باسم الجمهورية. مر الوقت وبدأنا نفقد صبرنا. لكن الوزيرة تغيبت بذريعة اجتماع طارئ. خجلنا من هذا الموقف. إذ تبين أنه يمكن لعميد أن يدخل بزيه العسكري إلى البرلمان، بينما يُعامل رئيسا منظمتي دفاع عن حقوق الإنسان بهذا التجاهل. هاغاي العاد -الذي يكن له بنيامين نتنياهو كرها عميقا- كان محبطا لكنه لم يفاجأ. فقبلها بأسابيع، تحدث إلى مجلس أمن الأمم المتحدة وعومل معاملة سيئة جدا من قبل اليمين الإسرائيلي بسبب خطابه الصريح الذي جاء فيه: “أقول للوزير الأول بنيامين نتنياهو: لن تنجحوا أبدا في إسكاتنا، لا نحن ولا مئات آلاف الإسرائيليين الذين يعيشون حاضرا مبنيا على السيادة والظلم، والذين يعملون من أجل مستقبل مبني على المساواة والحرية وحقوق الإنسان. لست خائنا ولا بطلا. فالأبطال الحقيقيون هم الفلسطينيون الذين يواجهون هذا الاحتلال بشجاعة وعزيمة. هم من يوقظهم الجنود وسط الليل عندما يدخلون بيوتهم. هم من يعلمون أنه إذا قتل أحد أقاربهم، فلن يعاقب المسؤولون. هم من يبقون بأراضيهم وهم يعرفون حق المعرفة أن المسألة مسألة وقت قبل أن تأتي الجرافات”.

في هذا الملف، كانت تصريحات النائب ماير حبيب وسفيرة إسرائيل في فرنسا أليزا بن نون ورئيس الـ“كريف” فرانسيس خليفة متناغمة. وهو نفس الموقف الذي قدمته وزارة الشؤون الاستراتيجية في القدس والذي نشرته NGO Monitor والذي تروج له إلنت يوميا في باريس: لن نسمح لأي رسالة أن تمر. يمكننا تكريم عميد إسرائيلي في باريس، لا المدافعين عن حقوق الإنسان. إنه انتصار جميل، وليس بالهين.