حملة تبرّع

من حالة الطوارئ المناخية إلى حالة الطوارئ الديمقراطية

هل خيّم الليل على الشرق الأوسط؟ بينما كانت مصر تستقبل منذ أسبوع، في شرم الشيخ – وبأبهة – جميع قادة العالم لحضور مؤتمر دولي حول البيئة لم يتطرّق إلى أي الرهانات الجدية، لا يزال آلاف النشطاء والصحفيين المصريين مسجونين في زنازين نظام المشير عبد الفتاح السيسي المظلمة. وقد خاطر علاء عبد الفتاح خلال هذا المؤتمر بحياته وخاض إضراباً عن العطش علاوة عن الإضراب عن الطعام الذي شرع فيه منذ سبعة أشهر.

غير بعيد عن مصر، سيحكم بنيامين نتنياهو، الزعيم الدائم لليمين الإسرائيلي، بلاده بيمين متطرف استعماري وديني، وكذلك عنصري وكاره للنساء والمثليين. يمين كان أنصاره يصرخون “الموت للعرب” خلال اجتماعات الحملة الانتخابية، ويشارك بعضهم في مداهمات ضد الفلسطينيين في القدس الشرقية والضفة الغربية المحتلة.

تلاشي الآمال المصرية لعام 2011، والقمع في فلسطين، وغطرسة إسرائيل، والاستراتيجية الإيرانية، والهجرات في البحر الأبيض المتوسط، وغياب سياسة حقيقية لمكافحة الاحتباس الحراري في دول المغرب العربي والشرق الأوسط.. كلها مواضيع تابعها موقع “أوريان 21” عن كثب بفضل شبكته التي تضم قرابة ألف كاتب/ة وصحفي/ة وخبير/ة وأكاديمي/ة.

منذ انطلاق موقع “أوريان 21” – أي منذ قرابة 10 سنوات –، اشتغلنا في كثير من الأحيان مع زملائنا من “شبكة الإعلام المستقل من العالم العربي” (“حبر” في الأردن، “السفير العربي” و“ما شا الله نيوز” في لبنان، “مدى مصر”، Maghreb émergent في الجزائر، “نواة” في تونس، “الجمهورية” وهو موقع أسسه سوريون منفيون، و“باب الماد”) لتشخيص الرهانات البيئية، الذي تتفاقم بتفاقم الجفاف في المنطقة، علاوة عن اتساع المساحات الصحراوية. وبسبب التغير المناخي، سيصبح جزء من أراضي العالم العربي غير صالح للعيش.

رغم كونها مسائل ملحّة، لا يزال عدد وسائل الإعلام في المنطقة الذي يهتم بهذه المواضيع قليلاً جدّاً. كما أن التطرق إليها يتطلّب بحثاً دقيقاً عن المعلومات الصحيحة، والقيام بتحقيقات على الأرض لا تخلو من الصعوبات، خاصة عندما تجد أمامها مصالح محليّة قوية.

أن تحقّق لتعرف، وأن تحلّل لتفهم، وأن تَروي لتُعلِم: تلك هي ركائز الصحافة الثلاث، والتي تمثل أُسس هوية موقع “أوريان 21”. لكن عملاً كهذا أصبح مكلفاً أكثر فأكثر، بسبب تعدّد العواقب، من أنظمة سلطوية كارهة للإعلام الحرّ، ورقابة أمنية بوسائل أكثر وأكثر تطوّرا، والحضور الشامل لمكلّفين بالإعلام مهمتهم تقديم الخرافات للصحفيين. ولا ننسى أن التهديدات قاتلة، كما ذكّرنا بذلك اغتيال زميلتنا الصحفية الفلسطينية شيرين أبو عاقلة في 11 مايو/أيار 2022 بجنين، على يد قنّاص من جيش الاحتلال الإسرائيلي. فإسرائيل التي تدّعي الديمقراطية لا تتردّد في التخلّص من صحفيين مزعجين، مثلها مثل مصر والمملكة العربية السعودية.

أمام هذا الواقع الفلسطيني، يجيب موقع “أوريان 21” بأدوات الصحافة. ففي ربيع هذا العام، انتقلنا إلى شمال الضفة الغربية لنجمع شهادات الفلاحين الفلسطينيين الذين يتعرضون باستمرار لاعتداءات المستوطنين. ومؤخّرا، التقينا في تل أبيب مع صحفيي جريدة « هآرتس »، تلك اليومية الليبيرالية الإسرائيلية التي باتت في الأعوام الأخيرة المؤسسة الإعلامية الوحيدة التي تكتب عن المأساة التي يعيشها الفلسطينيون.

لكن التحقيق يتطلّب مواردَ ووقتاً ومثابرةً. والتحقيقات التي نشرناها هذا الخريف حول استراتيجية التأثير التي تنتهجها الإمارات العربية المتحدة في فرنسا، أو حول بيع الأسلحة الفرنسية للدول الأجنبية المحاربة في اليمن، تطلّبت عدة أسابيع من العمل، للتحقّق من معلومات كانت إلى حدّ الآن بعيدة عن الأنظار العامة.

حتى يظل الموقع متاحاً للجميع، قرّر فريق عمل “أوريان 21” أن يبقى مجانيا وأن ينشر بلغات مختلفة: بالفرنسية والفارسية والإسبانية وحتى الإيطالية. نحن بحاجة إليكم، بحاجة إلى مشاركاتكم وإلى دعمكم حتى نواصل ونزيد من مجهوداتنا. من أجل إعلام حصري وفريد من نوعه ومستقل، أطلقنا حملة تبرّع هدفها جمع مبلغ 45 ألف يورو.

بالنسبة للأشخاص الذين يدفعون ضرائب في فرنسا، بإمكانهم أن يستفيدوا من تخفيض ضريبي بنسبة 66% من المبلغ الذي تبرّعوا به، وضمن حدود 20% من المدخول الخاضع للضرائب فيما يتعلق بالأفراد، وفي حدود 60% بالنسبة للشركات.

ولكم الشكر سلفا.

لتقديم تبرّع.