عن جو بايدن والشرق الأوسط، ووساطة إيمانويل ماكرون

أصبحت منطقة الشرق الأوسط حقل ألغام بالنسبة لإدارة جو بايدن، بين المملكة العربية السعودية وإيران وإسرائيل، وقد باتت تتساءل عن المنهج الذي ستسلكه، لا سيما فيما يتعلق بالملف النووي. أما الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، فهو لا يبخل بالنصيحة لكنه يبدو غير متأكد من صلاحها.

يورانيوم مخصب في محطة ناتانز للطاقة النووية (جنوب طهران).
AFP/ HO/منظمة الطاقة الذریة الإیرانیة.

جرت العادة أن يبادر الرئيس الأمريكي الجديد بالاتصال بعدد من رؤساء الدول أو الحكومات، أوّلهم الجار الكندي والمكسيكي، فبريطانيا وفرنسا بصفتهما حليفتين لواشنطن في مجلس الأمن. أما عن بقية البلدان، فقد كانت إسرائيل دائما في المراتب الأولى. لكن الأمر اختلف هذه المرة، إذ لا يزال بنيامين نتانياهو ينتظر اتصال جو بايدن بعد شهر من تسلم الأخير الحكم. وقد عبّر نواب ووسائل إعلام إسرائيلية عن قلقهم أمام تراجع شعبية الوزير الأول، وهو الذي كان من المقرّبين عند دونالد ترامب.

في الحقيقة، لم يتفاجأ أحد من تصرف بايدن. فإبان انتخابه، كان نتانياهو قد سارع بالتذكير بأنه لا مجال “لأي عودة إلى الاتفاق النووي السابق”1 مع إيران، بل أعاد الكرّة بعد أسبوع من تسلّم بايدن الحكم بمساعدة رئيس أركان الجيش الإسرائيلي الجنرال أفيف كوشافي. ففي مداخلة له بجامعة تل أبيب، أعلن الأخير: “إن العودة إلى الاتفاق النووي أو حتى إلى اتفاق من هذا النوع ببعض التحسينات خطأ، وهو أمر سيء”2. كما أضاف أن الجيش الإسرائيلي يقوم تحت قيادته بـ“تحيين خططه العملية” للهجوم على إيران. وقد كان كوشافي آنذاك قد عاد من لقاء مع الجنرال كينيث ماكينزي الذي يرأس القيادة المركزية للولايات المتحدة -وتشمل الشرق الأوسط. ما من شك أن الرجلين تناقشا حول تحسين العلاقات العسكرية الإسرائيلية مع بلدان الخليج حيث تتمتع واشنطن بقواعد عسكرية، في الكويت والبحرين والإمارات العربية المتحدة وكذلك قطر.

من السهل تفهم الأسباب التي جعلت الرئيس الأمريكي يماطل نتانياهو، علما وأن بايدن جعل من العودة إلى الاتفاق مع إيران إحدى أولياته. لكن الأمر ليس بتلك الحدة، بل هو مجرد إخطار بأن قصة الغرام التي عاشها الوزير الأول الإسرائيلي مع دونالد ترامب قد انتهت. لكن التأخير في الاتصال يشير أيضا إلى أي مدى بات الملف الفلسطيني الإسرائيلي ثانويا بالنسبة لإدراة بايدن.

إخطار للرياض وأبو ظبي

أما قصة الغرام الأخرى التي تعيش أزمة أخطر بكثير، فهي الاتفاق السياسي-النفطي الذي يجمع منذ 1945 بين الولايات المتحدة الأمريكية والمملكة العربية السعودية. وقد بدأ هذا التفاهم في التفكك خلال رئاسة باراك أوباما، قبل أن يعيد ترامب بعثه مجددا. لكن كان واضحا من خطاب بايدن -وخاصة من خطاب من سيصير وزير خارجيته أنتوني بلينكن- خلال الحملة الانتخابية أن المملكة العربية السعودية ستُساءل، لا سيما بالنسبة لقضايا حقوق الإنسان. وعادة ما يتم التلويح بهذا التهديد لطمأنة الكونغرس الذي يكنّ للمملكة الوهابية كرها معلنا، دون أن تصير الأمور إلى أبعد من ذلك.

لكن الإشارات التي أرسلها البيت الأبيض هذه المرة كانت مختلفة. فقد سمحت الخزانة الأمريكية منذ 25 يناير/كانون الثاني بعودة المعاملات التجارية والمالية في المنطقة الواقعة تحت سيطرة الحوثيين في اليمن، وقد كان ترامب منعها لتفضيل المملكة العربية السعودية في الحرب التي تخوضها هناك، ما أثار مخاوف المنظمات الإنسانية غير الحكومية. وفي الرابع من فبراير/شباط 2021، في خطابه الرئاسي الأول حول السياسة الخارجية، قطع بايدن مع سياسة أوباما الذي جعل الولايات المتحدة تساند التدخل السعودي في اليمن وأعلن أن “على هذه الحرب أن تتوقف”3. وفي نفس اليوم، قرر البيت الأبيض “التعليق المؤقت” لقرار بيع الأسلحة للمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة -وهما الطرفان الخارجيان المتورطان مباشرة في الحرب على اليمن-، والذي كان ترامب قد أمضى عليه. وقد حاولت المتحدثة باسم الرئاسة أن تجعل من هذا القرار إجراء عاديا يُتخذ مع حلول كل إدارة جديدة، إلا أن حقيقة الأمر لم تخف على أحد. وأخيرا، في الخامس من فبراير/شباط، رفعت واشنطن الحوثيين من لائحة الإرهاب التي وضعهم عليها دونالد ترامب.

ولتبديد أي شك قد يتبادر إلى ذهن الرياض، أعلن وزير الخارجية أنتوني بلينكن في الوقت نفسه أن بايدن أمر بـ“إعادة نظر شاملة” في العلاقة مع المملكة العربية السعودية، “للتأكد من أن شراكتنا تتم بطريقة تتلاءم مع مصالحنا وقيمنا”4. وسيتم بالفعل تسليم الأسلحة لا سيما طائرات F-35 التي وعدت بها واشنطن أبو ظبي -والتي لن تبدأ قبل 2027-، لكن الإخطار وصل إلى مسامع دول الخليج، وخاصة السعودية. فمنذ تسميته، لم يفتأ بلينكن يشير إلى قضية جمال خاشقجي. كما أعلنت المتحدثة باسم البيت الأبيض في الخامس من فبراير/شباط أن الرئاسة مستعدة لـ“كشف تقرير غير سري للكونغرس يوضّح جميع تفاصيل هذه الجريمة الشنيعة”. وقد أفاضت أن “القانون هو القانون، ونحن نحترمه”5.

هرج ومرج... سارع السعوديون بإعلان بعض التدابير. فقد تم التخفيف من عقوبة السجن بست سنوات للجين الهذلول التي تم إيقافها في 2018 وأُفرج عنها في 11 فبراير/شباط، وكذلك بالنسبة للطبيب السعودي-الأمريكي وليد فتيحي، مدير مستشفى خاص في جدة، والذي حُكم عليه لأسباب من بينها “الحصول على الجنسية الأمريكية دون ترخيص”. كما تم الإفراج عن بدر الإبراهيم -وهو طبيب شيعي وكاتب مهتم بقضية إصلاح الفضاء العربي- وصالح الحيدر -نجل الناشطة في مجال الدفاع عن حقوق النساء عزيزة اليوسف- بعد 300 يوم من السجن. وفي العاشر من فبراير/شباط، أعلن ولي العهد محمد بن سلمان إصلاحات تشريعية لتعديل القانون السعودي. ما قد ينبئ بانفتاحات قادمة في المملكة، وفق موقع “مكتب الرياض”، وهو موقع إخباري خاص.

لكن الموضوع الأساسي الدي ينتظر الجميع بشأنه موقف الرئاسة الأمريكية الجديدة هو الملف النووي الإيراني، وما ستؤول إليه خطة العمل الشاملة المشتركة التي أمضت عليها إيران والأعضاء الخمسة لمجلس الأمن الدولي وألمانيا في 2015. وقد وضعت هذه الخطة إطارا للإنتاج الإيراني للمواد الانشطارية حتى لا تتمكن طهران خلال الخمسة عشر عاما التالية من صنع قنبلة ذرية في أقل من سنة، ما يمنح وقتا كافيا للبلدان الغربية لإيجاد حل إذا لم يتم احترام الخطة. وفي المقابل، تُرفع العقوبات الاقتصادية على إيران. وقد انسحب ترامب من هذا الاتفاق في 2018. وكدليل على تصميمه، اختار بايدن روبرت مالي -وهو ديبلوماسي يعرف الشرق الأوسط حق المعرفة- ليترأس فريق المفاوضين. وقد أسفرت هذه التسمية عن ردود فعل غاضبة في الدوائر الأمريكية الرافضة لاي اتفاق مع إيران، وعن قلق عميق لدى الطبقة السياسية الإسرائيلية والإعلام السعودي.

فمثلا، كتب محمد السعيد في جريدة “عكاظ” أن “تحمس الغرب للتفاوض مع النظام الإيراني غير مفهوم”، مترجما عن موقف النظام السعودي، وأضاف: “إنها دولة إرهابية مارقة عن القانون، تقتل بحسب الانتماء الديني وتطارد معارضيها وتقتل خصومها”. مع العلم أنه لم يكن يتحدث عن بلده بل عن إيران.

أما بالنسبة لإسرائيل... فهي ترى في مالي -الذي كان مستشارا لبيل كلينتون ثم لأوباما- الديبلوماسي الأمريكي “الأكثر مساندة للفلسطينيين” على الإطلاق. فبعد قمة يوليو/تموز 2020 في كامب ديفيد التي لم تنته بإمضاء اتفاق سلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين والتي كان خلالها مالي في الفريق الأمريكي، عرف الأخير جدلا حادا مع دنيس روس -الذي كان آنذاك المستشار الديبلوماسي الرئيسي لكلينتون في الشرق الأوسط- في صفحات New York Review of Books، حيث دافع روس عن الموقف الأمريكي-الإسرائيلي الذي قضى بأن ياسر عرفات لم يغتنم هذه الفرصة النادرة. من جهته، كان مالي يؤكد أن المسؤولية الإسرائيلية كانت مهمة أيضا، بل حتى أكبر من المسؤولية الفلسطينية. وهو أمر يكاد يُعتبر كفرا.

“أنت من كسرته، فعليك إصلاحه”

تبدو الإشارات الأمريكية بشأن الملف النووي متضاربة. فقد صرّح أنتوني بلينكن أن “الطريق طويل” ولا يجب التسرع. أما مستشار الأمن القومي جاك سوليفان، فقد قال إنه لا يجب تضييع الوقت، وأن تجنب “أزمة نووية أولوية عاجلة”. ومن الأسئلة التي تطرحها عودة المناقشات هي من عليه القيام بالخطوة الأولى؟ قد يبدو الأمر غير مهم لكنه ليس ثانويا كما نعتقد. وقد أعطى وزير الخارجية الإيراني جواد ظريف الإجابة الإيرانية عندما قال إن على الطرفين أن يعلنا معا عن عودتهما إلى شروط الاتفاق وانتهى الأمر.

في الأثناء، يبدو أن إيران تبنت المثل الأمريكي القائل: “أنت من كسرته، فعليك إصلاحه”. فواشنطن هي من انسحب من الاتفاق، وعليها إذن الرجوع إليه. وعليه، فإن كلا الطرفين يعتبر أن من سيقوم بالخطوة الأولى سيظهر نفاذ صبره وتعطشه لإنجاح المفاوضات -أي بلغة أخرى ضعفه. وعندما سُئل في حوار له على قناة سي بي أس إن كان سيقوم بخطوة في اتجاه إيران من خلال إلغاء بعض العقوبات، أجاب بايدن بكل بساطة أنه لن يفعل.

من يحتاج الأكثر لهذا الاتفاق؟ تبدو إدارة بايدن منقسمة حول هذه المسألة. فجميع أعضائها يقرون بأن الخروج من هذا المأزق الذي تسبب فيه ترامب أمر واجب. لكن كيف وبأي ثمن؟ نجد من جهة من يرون أن إيران في وضع حرج جدا، خاصة على الصعيد الاقتصادي، وأن صرامتها تخفي رغبة مستعجلة في الوصول لحل سريع. وعليه فإن رفع العقوبات قبل التفاوض سيجعل واشنطن تخسر وسيلة ضغطها الوحيدة.

في الجهة المقابلة، يرى آخرون أن الإيرانيين أثبتوا أن الضغط عليهم في الملف النووي لا يجدي نفعا، وأن هذه الفرصة قد لا تعاد. وقد أرسل الإيرانيون في الأسابيع الأخيرة إشارات عديدة تظهر عزمهم، مثل نشر فيديوهات لصواريخ بعيدة المدى وإعادة إطلاق إنتاج اليورانيوم المخصب بنسبة 20%. كذلك، نشرت وكالة الطاقة النووية في 10 فبراير/شباط تقريرا يؤكد بأن طهران شرعت في إنتاج معدن اليورانيوم، والذي يمكن استعماله لصنع القنبلة النووية. وقد كانت إيران قد أعلنت ذلك في ديسمبر/كانون الأول 2020. وهي من خلال كل هذا تسعى إلى التأكيد على الرسالة التالية: إن أصرت واشنطن على تفويت الفرص -أي إن بقي رفع العقوبات مشروطا-، فسينفذ صبر طهران يوما ما وستقوم بصنع القنبلة. وفي ذلك اليوم، لن يبقى أي موضوع محل نقاش.

أي وساطة بالنسبة لفرنسا؟

بينما يجعل جو بايدن من العودة إلى اتفاق مع طهران حجر زاوية سياسته في الشرق الأوسط، يعبّر الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون عن رغبته في لعب دور “الوسيط المخلص وغير المنحاز”6. لكن الطريق التي يتوخاها في ذلك مفاجئة نوعا ما. فهو يعود عمليا إلى الموقف الفرنسي كما كان تحت رئاسة نيكولا ساركوزي وفرانسوا هولاند خلال السنوات التي سبقت إمضاء خطة العمل الشاملة المشتركة، أي المزايدة في المطالب الموجهة لإيران، وكأن فرنسا تريد في الحقيقة إفشال النقاشات.

لكن ماكرون لم يكتف بهذا القدر. ففي مداخلته أمام المجموعة الفكرية الأمريكية Atlantic Council في 5 فبراير/شباط، أكد الرئيس الفرنسي أن إيران “أقرب اليوم من القنبلة النووية مما كانت عليه قبل إمضاء الاتفاق” في 2015، ليطالب بعدها بـ“نقاشات جديدة مع طهران [...] حول موضوع الصواريخ البالستية واستقرار المنطقة”. لكنه لم يتحدث أبدا عن العودة المسبقة لجميع المشاركين لاحترام الاتفاق، وهو ما يشترطه الإيرانيون منذ اليوم الأول.

إذا تابعنا حرفيا تصريحات الرئيس الفرنسي، فهذا يعني عدم تطبيق اتفاق 2015 دون التزام إيراني مسبق بتوسيع مجال تطبيق الاتفاق القادم. ولمزيد الوضوح، أضاف ماكرون طلبا إضافيا: “تشريك إسرائيل والمملكة العربية السعودية في النقاشات”، بحجة أن البلدين “شريكان أساسيان في المنطقة”. لذا، “لا يمكن حل هذا الوضع دون ضمان أن جميع هذه البلدان راضية عن البرنامج الجديد”. بلغة أقل ديبلوماسية، وقبل حتى فتح النقاشات، ها هو “الوسيط الأمين” ماكرون يغلق الباب أمام أي حوار من خلال تبني موقف هو نفسه موقف أشد المعارضين لأي اتفاق.

يرى السفير الفرنسي السابق في إيران فرانسوا نيكولو أن ماكرون مخطئ فيما تقدم به. صحيح أن إيران شرعت في إعادة تكوين مخزوناتها من المواد الانشطارية. لكن من غير المعقول أن يفوق مخزونها اليوم ما كان بحوزتها قبل 2015. من جهتنا، يمكننا تأكيد أنه حتى لو كان ماكرون على حق، فهو أول من يسقط حجته. فإن كانت إيران تمكنت فعلا من إعادة تكوين مخزوناتها خلال فترة وجيزة مثل هذه ورغم الضغوطات الدولية، وذلك بعد أن قامت بالتخلص من جزء من هذا المخزون لاحترام الاتفاق، فهذا يعني فقط أن عدم العودة لاتفاق 2015 أمر خطير.

كما أن الشرطين الإضافيين -أي توسيع الاتفاق ليشمل الصواريخ البالستية والحد من المصالح الإقليمية لإيران- لن يسفرا سوى على فشل أي عودة لاتفاق 2015. لكن نيكولو يؤكد: “إن كان الهم الأساسي هو فعلا إبعاد إمكانية صنع القنبلة النووية، فيجب أن تكون الأولوية المطلقة هي العودة إلى التطبيق التام لفكر ونص اتفاق 2015”7.

تناقضات إيمانويل ماكرون

كان بإمكان السفير السابق أن يضيف عائقا إضافيا يهدد بإفشال العودة إلى الاتفاق، وهو طلب ماكرون الغامض بـ“تشريك المملكة العربية السعودية وإسرائيل في النقاشات”. عن أي نقاشات يتحدث؟ تلك التي ستدور حول الطاقة النووية؟ أو تلك التي ستأتي بعد عودة مسبقة إلى تطبيق الاتفاق؟ في الحالة الأولى، نكون أمام خرق تام لاتفاقية منصوص عليها في القانون الدولي (بموجب قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2231) وسيكون رد الإيرانيين بلا شك الرفض القاطع. وهكذا يصبح “الوسيط” صانع الفشل. أما إذا كان ماكرون يقصد الحالة الثانية، فلم لا يعبر عن ذلك بوضوح أكثر؟

في جميع الأحوال، فنحن نعرف إجابة الإيرانيين. لن تقبل طهران بنقاش حول الصواريخ بحضور تل أبيب والرياض، إلا إذا طُلبت من إسرائيل والسعودية جهود مماثلة. لكن هل نتخيل لحظة واحدة أن إسرائيل -وهي الوحيدة التي تتمتع بالقنبلة النووية في المنطقة والتي لم تُمض معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية- ستقبل بزيارة محققي وكالة الطاقة النووية لمراقبة ترسانتها الذرية والتخلص منها؟

يبقى السؤال مطروحا: كيف ترى الديبلوماسية الفرنسية “النقاشات الجديدة” مع طهران التي تحدث عنها ماكرون؟ بالنسبة للخارجية الفرنسية، ووفق ديبلوماسي أوروبي، “يرى الإيرانيون أن الأمريكيين مدينون لهم وأن الوقت يجري في صالحهم. لذلك، إن قبلنا بعودة تطبيق اتفاق 2015 قبل أي نقاشات، سيعني ذلك ارتياحا كبيرا بالنسبة للإيرانيين. لكن من يضمن لنا أنهم سيقبلون مواصلة النقاشات عندما ستُرفع العقوبات؟ وهكذا، لن يحصل بايدن على أي شيء آخر”. هذا الخطاب هو نفسه خطاب هولاند ووزير خارجيته لوران فابيوس، اللذان كانا يعتبران خطة العمل الشاملة المشتركة غير كافية.

منذ عقد من الزمن، انتشرت عقلية المحافظين الجدد في أعلى مستويات الخارجية الفرنسية. منذ ست سنوات، كان الرئيس أوباما راغبا في تحقيق هذا النجاح ولم يكترث بمشاعر الفرنسيين ومضى قدما بدونهم. وطبعا، قبلت باريس في آخر المطاف بإمضاء الاتفاق. أما اليوم، فلا يزال عداء اليمين الأمريكي وجزء من الديمقراطيين المنتخبين تجاه إيران قوياً. كما تفاقم عداء إسرائيل ومملكات الخليج، وقد باتوا حلفاء في هذا المجال. فهل سيفرض بايدن على ماكرون ما فرضه أوباما على هولاند؟

1« Netanyahu urges : no return to Iran nuclear deal »، رويترز، 22 نوفمبر/تشرين الثاني 2020.

2Amos Harel, « Backing Netanyahu on Iran, Israel’s Military chief strikes defiant tone against Biden »، هآرتس، 27 يناير/كانون الثاني 2021.

3Michael Hirsch, “’America is back’, Biden says”, Foreign Policy، 4 فبراير/شباط 2021.

4« Biden freezes Saudi arms deal »، مكتب الرياض، 3 فبراير/شباط 2021.

5« Expected Improvements » ، مكتب الرياض، 8 فبراير/شباط 2021.

6هذه الجملة والجمل التالية اقتباس من تدخل لإيمانويل ماكرون أمام المؤسسة الفكرية الأمريكية Atlantic Council بتاريخ 5 فبراير/شباط 2021.

7فرانسوا نيكولو، « Revenir au plus vite dans l’accord sur le nucléaire iranien », Boulevard Extérieur، 9 شباط/فبراير 2021